U3F1ZWV6ZTkyMzU4Njc2MzA1NjBfRnJlZTU4MjY3ODM5MzQ1ODI=

تقاطعاتُ الذّات والمُجـتمَع

 

فـي شـعـر مـراد الـقـادري

  

لعل من يختار الحديث عن الشاعر مراد القادري يكون قد انحاز إلى إحدى الجهات المضيئة في الثقافة المغربية، تتمثل في الانتصار البيّن إلى لون شعري اختار اللهجة العامية وسيلةَ تعبير. ومن تمّ شكّل الفصيحُ والعاميُّ وجهين لعملة شعرية واحدة. كلاهما يرصد جانبا من جوانب اللغة في علاقتها بالأدب والمجتمع. فالعامية (المثقفة/ المُنَقّحة)، إذا جاز التعبير، استطاعت بما أوتي أنصارها من ملكة لغوية وحس شاعري ومن مرجعيات، ظاهرة ومضمرة، أن تحقق الذيوع والانتشار، على امتداد سنوات خلت ولا تزال.

في هذا السياق الإبداعي، يمكن الحديث عن إحدى التجارب الزجلية الجديرة بالقراءة، استنادا إلى المساحة الزمنية التي تشغلها، أولا، منذ ثمانينيات القرن الماضي إلى الآن، وكذا استنادا إلى ما تطرحه من قضايا اللغة والبناء والموضوعات المعبر عنها، ثانيا. يتعلق الأمر باسم الشاعر مراد القادري حين يختار العبور بدوره، إلى الضفة الأخرى ويراهن على شعرية العامية في كتابة قصيدة زجلية تشبهه. كانت البداية مع ديوان "حروف الكف" 1995 تمثلت نصوصُه جغرافية المدينة وأبرزت صوتَها الجماعي مثلما تمثلت شغف الذات الفردية وأحلامها وجسدت طقوسها. تلا هذا الديوان، بعد عشر سنوات، عمل جديد أسماه: "غزيل لبنات" سنة 2005. وهي مسافة زمنية لا يمكن إلا أن تبعث على التساؤل: لماذا هذا التوقف؟ أو بعبارة أخرى، ما سر هذا الغياب؟ وما الجديد في موضوعات الديوان وقضاياه؟ لا شك أنّ الجواب ذو صلة بالغيابِ المنتِجِ والمفكَّرِ فيه. فقد كان البحث، جاريا، عن القصيدة التي تشبه صاحبها. أن تكون قريبة من الذات الشاعرة ومن المجتمع في تحولاته المختلفة؛ لكن بكثير من الحذر والاحتراز الفنّيين، حين يتم رصد التقاطعات بينهما على مستوى التعبير والكتابة؟

أول ما يلفت انتباهنا، في هذا الإصدار الزجلي، العنوان الذي انتخبه الشاعر ناطقا رسميا له وهو: (غزيل لبنات). عنوان يعود بنا رأسا إلى ذاكرة جماعية لها صلة بإحدى الأكلات الشعبية المكونة من عجين حلو ملوّن على شكل شعيرات جافة مقرمشة تُسيل لُعاب التلاميذ أمام المدرسة. أكلة قابلة للتقاسم والتغزل واستشعار الذوق والمذاق.  

أما النصوص المتضمنة بالديوان فتسعة. نتلمس في عناوينها استدعاءً للمكان (موسكو89، مقهى المثلث الأحمر) وللزمان (دابا تجي) وكذا لمشاعر الرغبة والحلم (بياض السكر، بنت خالتي زهرا، طوق الحمام، غزيل لبنات، شهوة العاتق) دون إغفال ما للمرجعية الثقافية من حضور أيضا، كما في عنوان (الكوميديا الإلهية). إنها عناوين تحيل، بصورة من الصور، إلى تلك الأجواء النفسية والأحياز المكانية، التي شكلت فضاءً لتجربةِ الشاعر الزجلية، وأثْرت منجزه الإبداعي، معجما ورسالة. تسعة عناوينَ لتسعة نصوص كتبت بحمولة ثقافية متفاوتة المعاني والدلالات. فكل نص يرسم معالمه الشعرية عبر لغة بقدر ما تقترب من الذات والمجتمع بقدر ما تقترب من ماء الشعر وروائه.

لقد تنوعت نصوص "غزيل لبنات" بحسب تنوع السياق. وقد تجلى ذلك واضحا، من خلال التواريخ التي أثبتها الشاعر عند نهاية كل نص. فهناك نصوص كتبت بين 1995 و1997 وأخرى كتبت بين 1990 و2001. وهي مسافة زمنية ذات أهمية، تعكس مدى انفعال الشاعر بذاته، من جهة، ومدى تفاعله مع الآخر والمحيط، من جهة ثانية؛ الأمر الذي يستدعي، ربما، قراءة أفقية لاقتناص اللحظات القوية، التي ميزت مسار هذه التجربة، وقراءة عمودية لفحص الرهانات الفنية التي توخاها الشاعر.

1- في القراءة الأفقية

يقدم ديوان "غزيل لبنات" مادة موضوعاتية قابلة للجرد والتصنيف. فعوالم الحياة بأبعادها المختلفة في الحضور والغياب، وقضايا الذات الإنسانية بألوانها المتراوحة بين البوح والكتمان، كانت من أهم الموضوعات التي توسل بها الشاعر وحوّلها إلى تعبير فني، مستمدا ذائقته الشعرية من لغة التواصل اليومي ومن الحديث المتداول العامي، معجما وتركيبا وإيقاعا. ولعل الأجواء الإيروتيكية، في شقيها الحقيقي والمجازي، كانت حاضرة بقوة في نصوص الديوان، وشكلت، بذلك، نقلة نوعية في تجربة الشاعر.

فالتقاط التفاصيل اليومية والجزئيات الصغيرة كما تتبدّى في البيت والشارع والمقهى أو غيرها، أضحت مطلب الشاعر مراد القادري، مستعينا في ذلك بـالعين، أداةً للوصف والمراقبة. يسجل، من خلال اعتماد هذا العضو، وبذكاء، ما يروج أمامه من أعطاب إنسانية واجتماعية. عينٌ جمعت بين التصوير الخارجي للموصوفات الحيّة والجامدة وبين التصوير الداخلي للأحاسيس والمشاعر الجوانية للذات الشاعرة.

ويمكن أن نقف عند مظهرين لهذا التصوير الشعري، حين خص الشاعر شخصية الأنثى/المرأة، باعتبارها موضوعا بارزا في الديوان، عبر مواقف متعددة ومتنوعة. فهي الراغبة في استكمال نصفها الثاني/ الرجل، حيث لا تجد أدنى حرج في قبول زهرة أو هدية منه، أو الإفصاح عن شهوة ذاتية تعتمل داخلها إزاءه. ومثال ذلك ما نجده في قصيدة "شهوة العاتق" من مطالب حسية تمثلت في رغبات وهدايا من قبيل: الشربيل الخاتم السرتلا القفطان الجلابة المجدول النبالة بيت النعاس. كما تمثلت في أمنيات لا تسعى من خلالها إلا إلى احترامها وتقديرها. ولعل مطلع القصيدة يعكس ذلك: (ص56-57)

شهوتي

ياكل حلوتي

اللي يفششني

وفي هذا السياق، تتوالى رغبات المرأة ممثلة في مقتنيات الزنية أو اللباس، إذ تهمس في أذن الرجل أنها تبحث، فقط، عمن يحسسَها بالأنوثة ويمنحَها قدرا من الاحترام والانتباه. ومن أجل ذلك لا تبخل في تجميل فضائها وتحسين مظهرها، كلما سنحت الفرصة لذلك بهدف الإثارة ولفت الانتباه إلى جسدها الأنثوي، استعدادا لموعد أو لقاء، يمنحها لحظة دفء، ولو مؤقتة. في قصيدة (غزيل لبنات) تصوير مشهد بديع لحالة المؤنث كان الجسد مركزه. تصوير يروم سبر أغوار الذات وهو في حميميتها.  يقول الشاعر: (ص39)

ذيك البنت

كحلت...وسوكت

عكرت...وصيكت

وقدام لمرايا

هزت شويا من الصايا

دارت –زعما- ميني

اللي جا، قالت يديني

من ابايا... يهنيني

يهنيني من ابايا

ذيك البنت

يرتبط استدعاء الجسد هنا، بمعناه الإيروتيكي، داخل ديوان (غزيل لبنات) بمشاعر الذات ومشاغلها، من خلال ما نسجه الشاعر من حروف متراقصة وعبارات متعاقبة؛ تقود في النهاية إلى انصهار الأنا بالآخر. وإذا تأملنا تلك الأفعال الواردة أعلاه بصيغة الماضي (حكلت، سوكت، صيكت..) نقترب من الحالة الوجدانية التي تعيشها الأنثى داخل مجتمع أبيسي لا يرحم. وما اشتعال الرغبة هنا، في استقلال الذات، سوى دليل على حلم مؤجل في الانعتاق والالتحاق بالنصف الآخر. الرجل المشتهى (من ابايا يهنيني). ولعل الأغنية الشعبية التي أثارت ضجيجا إعلاميا (اعطني صاكي باغا نماكي..) آخذةٌ ربما، بهذا المعنى. فللجسد لغته الخاصة؛ بل إنه ليمنح الناظر المندهش مساحة للإيحاء والتأويل، تصبح معه العبارةُ حمالةَ أوجه ومعانٍ، مثل: النّص والتفاح والريح والماء والطوق والجنة والنار.  يقول القادري: (ص 66/67)

والنص

شحال يخص

باش تقراه

كاع الناس...داخت وراه

باللغة، إذن، يظهر الجسد ويختفي، مثل ثعلب ماكر. فالشاعر يقدمه، باعتباره موضوعة شعرية، في صور ملغزة تستدعي خلفية ثقافية واجتماعية مناسبة. صور تستحضر بنية العامية وإبدالاتها الشعرية، إذ بقدر ما تمنحه من إمكانيات التعبير الشعري بقدر ما تقربنا من الذات في تعالقاتها مع الآخر. ولا غرابة في هذا التجاذب الثنائي بين المرأة والرجل، ما دامت الأنثى تمثل الصورة الأبهى للكائن المرغوب فيه، من قبل الرجل الذي سرعان ما يسقط، هو الآخر، في شباكها فيضطر للإفصاح عن مشاعره الدفينة. يقول القادري في مقطع تواصل فيه العين مهمتها التصويرية: (ص27-28)

عفاك... كوني ليا

لخميسة ليك

حرفك مزينو

طاحت عيني ف عينو

مِزيتْ عليه

قلت نديه...داني

أخالتي زهرا

قولي لبنتك راني

شيبك... لبيك

ثم نمضي مع الشاعر في تصوير هذه العلاقة الثنائية، بأبعادها الإنسانية والإيروتيكية إلى الحد الذي يتماهى فيه الاثنان ويتوحدان معا. هي بالإغراء والفتنة، وهو بالطاعة والإذعان: يقول مراد القادري: (ص 72)

باغي نكون ف يديها تيو

ونشم ريحة فليو

أو نكون

دفة...شرجم...بلكون

ما شغل حد...كلها يديها ف حالو

من طموع الدنيا، أنا، ما طالب والو...

أما المظهر الثاني، من مظاهر المصاحبة التي اقترحها الشاعر مسلكا فنيا، يمكن رصده، هذه المرة، في تصويب العين اللاقطة تجاه الأمكنة والفضاءات العمومية وما تختزله من أبعاد إنسانية. يقول في نص تتوافر فيه جل المؤشرات لتحويله إلى نص مسرحي، بعنوان: "مقهى المثلث الأحمر": (ص 29)

عزيز عليا

باب القهوة

يكون كرسيا

وجورنال

يعني

راني، زعما، معني

ب أحداث الساعة.

فالمقهى، في هذا النموذج، لم تكن سوى حيز مكاني للاقتراب من عوالم الشخصيات التي ترتاد هذا المكان، بوصفه مكانا للاستراحة والتأمل وطرح القضايا وتبادل النميمة، بما فيها "النميمة الثقافية" بتعبير إدريس الخوري. فثمة رصد لحالات إنسانية لا تخلو من مواقف نقدية. وبين قتل الفراغ وإثبات الوجود، تنتصب الأماني وتضيع المحاولات، إلى الحد الذي تسخر فيه الذات الشاعرة من نفسها حين يلفها الفراغ، وتلفي نفسها في مواجهة المجهول. يقول في نهاية النص: (ص37)

ف مقهى triangle rouge

المطوي بحال موس، المفتوح بحال كتاب،

الأليبا، التالف ع لونو، الباصق ف شونو،

الموستاش، مول الفز، بنادم بزز، الزنك، راس الطنك،

الداخل ك هذاك

الكاعد برا كيف البيض

وأنا

كاع كليان... ف Triangle rouge

بالمتابعة والوصف والنقد والسخرية، يتقاسم الشاعر وقارئه مواقف إنسانية من الذات والمجتمع، بما يفضي إلى تقاطعات لا يمكن الفصل بينهما. غير أن القصيدة التي يرومها الشاعر في احتفائها بالذات وبالعالم لا تستدعي تصفيقا بقدر ما تستدعي إنصاتا يقترب من أبعادها الإيحائية والرمزية، وقد صيغت بلهجة عامية.

2- فـي القراءة العمودية

تتميز نصوص "غزيل لبنات"، بسلاسة تعبيرية تتوسل بالمفردات والتراكيب، التي تجمع بين عدد من المرجعيات الثقافية الشعبية، متخذة من العنصر الإيقاعي لازمة تقود القارئ نحو دلالة غنائية ملحوظة. ولعل رحابة العامية، باعتبارها وسيلة للتواصل اليومي المنفتح على الجديد والمتغير، حيث الاقتصاد اللغوي والاختزال والتجميع والتوليد، وما إليه.

ويمكن اختزال الجوانب الفنية، التي ميزت الكتابة الزجلية عند الشاعر مراد القادري، في جملة من الخصائص، نذكر البعض منها:

1 – استدعاء التخييل لتركيب صور قائمة على بعض المكونات البلاغية، تضفي على الجملة الشعرية بعدا إبداعيا يخترق أفق الانتظار ويحقق الدهشة الجمالية. يقول الشاعر في نص "الكوميديا الإلهية": (ص12)

سيفطت لك مع بورقراق سلام

ركب الما...درع وعام

زاد

دار فلوكة من شي عواد

أش تقولي إيلا نركبوها بزوج

تدينا لقاع الموج

فالنهر المائي (أبو رقراق) صار حاضنا أمينا لمن يستطيع حمل رسالة الشاعر؛ ولو بالمغامرة في الماء حيث لا ضمان للوصول أو العودة. وبالحديث عن المعاني تستوقفنا المباني من خلال ما توفره القصيدة من ألوان البديع، جناسا وطباقا وتكرارا وتوازيا وإيقاعا. يقول القادري في نص "بياض السكر: (ص14-21)

خذني خال كناوي

خذني سالف مساوي   

عيون كحلا.. بلا كحل

خذني...

وكان النعاس داك

يلعن السلام اللي كلاك

يلعن الليل اللي بلاك

يلعن...

2 – استحضار المعجم الشعبي، وتوظيفه بحسب المقام: (الهضرة/ مومو/ الزربا/ مطيشة/ شويا/ بزاف/ كناوي..)، إلى جانب المعجم الصوفي والديني (القرآن/ الحضرة/ جبريل/ الملايكة/ الصلا/ جبل عرفة..) معجم يعضد الصلة الوثيقة بين حال الذات وأحوال المجتمع، كل لفظ مسير لما . علاوة إلى تطعيم هذا النص أو ذاك، بغير قليل من الألفاظ الأجنبية، التي (تدرّجت) بحكم الانتشار والتداول: (البوسطة/ الماكينة/ الفاكتور/ البلاكة/ الجورنال/ الصباط/ الرونو، كلينيكس/ فلوكة..) وقس على ذلك.

كما أن الاقتراب من اللغة المعيار، في غير ما موضع؛ يؤكد عمق الصلة بين التعبيرين، ويؤكد ما بينهما من حسن الجوار والحوار. يقول الشاعر في نص "موسكو98": (ص52)

قلت: ف دربك ننبت

نزرع...نسقي...نحرث

نردو جنة، الفقرا ماليها

نخلة عالية...الما محاديها

لكن دربك تلّفْني فيه

أشداني ليه

بهذا المعنى، يكون اختيار العامية تحصينا لها وتثمينا لسمة الاختلاف بينها وبين اللغة المعيار، ذلك الاختلاف الذي لا يفسد للإبداع قضية. فهي ليست وسيلة للتواصل فقط؛ وإنما هي أيضا حاملة للهوية المغربية، في انفتاحيتها وقابليتها للتجديد والتجدد.

 على سبيل التركيب

هذه بعض الخصائص، مما أضاء المتن الشعري المقروء، جعلت من تجربة الشاعر مراد القادري "غزيل لبنات" تجربة تكتسي قيمتها النوعية، كرحلة في دروب القصيدة الزجلية، عبر الذاكرة واللغة والحياة، كما تسجل حضورها وراهنيتها، بوصفها عملا لا يخلو من تأملات فلسفية ومواقف إنسانية من الذات والمجتمع.

بهذا الإشعاع الإبداعي، يواصل مراد القادري تفاعله الشعري مع قضايا الذات والمجتمع. يختار موضوعاته بكثير من العناية والتأمل، ويباشرها بنوع من الكتابة التي تستند إلى الدارجة أداة تعبيرية لا تخلو من شاعرية وإبداعية. وهي الملاحظة ذاتها، التي يمكن أن تنسحب على مجموع دواوينه المتعاقبة، باعتبارها أعمالا منسجمة الرؤى والدلالات، منها: "طير الله 2007"، "الطرامواي 2015"، و"مخبي تحت لساني ريحة الموت 2021". إنها، بعبارة، تجربة تمتد في الزمان وفي المكان، وتنم عن دينامية ووعي شعري بأبعاد القصيدة الزجلية وآفاقها الممكنة.

 

+/ نشرت هذه المداخلة بالعدد 32 من مجلة مدارات الثقافية لسنة 2022. وكانت قد ألقيت برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، خلال لقاء ثقافي من تنظيم مختبر الدراسات الأدبية واللغوية والرقمية بتعاون مع مكتبة الكلية. وذلك بتاريخ الخميس 12 ماي 2022

 

تعديل المشاركة
author-img

أحـمـد زنـيـبـر

أكاديمي وناقد أدبي، أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين. رئيس فريق البحث "الخطاب البيداغوجي ورهاناته اللغوية والجمالية". عضو اتحاد كتاب المغرب وناشط جمعوي. له مؤلفات فردية وجماعية...
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق