حـوار أعـدّه الشاعـر إدريس عـلوش
v ماذا تكتب الآن..؟
v بعد صدور كتابي النقدي الأخير الموسوم بـ"الانحياز إلى القصيدة قراءات في المتن الشعري الحديث بالمغرب"، أستعد الآن، بعد سلسلة من القراءات المتعددة والمتنوعة في المتن الإبداعي المغربي، لإنجاز دراسات ومقالات جديدة تتوزع بين الشعر والقصة والرواية والثقافة الشعبية، قصد استكمال مشروعي النقدي المتواضع في التعريف بالأدب المغربي، قديمه وحديثه، والعمل على مقاربة موضوعاته وقضاياه، من خلال استحضار سؤال الإبداعية وقياس مدى حضوره ضمن الآداب الأجنبية الأخرى. إلى جانب ذلك أنكب على تدوين بعض اللحظات المشرقة والمؤلمة أيضا، في مساري الحياتي من خلال التفكير في كتابة سيرة ذاتية تمزج بين الحقيقة والمتخيل. وفي انتظار ذلك للكتابة أن تأخذني حيث تشاء بما هي سلاح وتعبير وطهارة.
v إلى أي
حد يسعفك هذا الفصل في الكتابة..؟
v في
اعتقادي أن كل الفصول مسعفة للكتابة، بحسب طبيعة الفرد وتجاوبه مع المناخ المتقلب.
وما يعنيني في المقام الأول هو: ماذا سأكتب؟ وما نوع الأسئلة التي ستحفزني
للكتابة، موضوعا ومنهجا، سواء تعلق الأمر بالإبداع أم بالنقد؟ ومع ذلك لا أنكر فضل
هذا الفصل الخريفي، فطبيعته المناخية تلائم أحيانا أهوائي الخاصة وحالاتي النفسية
المتقلبة، فيحصل التجاذب سلبا وإيجابا.
v أي فصل
من فصول السنة يلهمك أكثر؟
v الحقيقة
أنني، لحظة الكتابة، لا أعير اهتماما لأي فصل من فصول السنة، فكلما كان الاستعداد
الذهني حاضرا، وكان الحافز قويا أجدني منقادا لفعل الكتابة، في تجلياتها المتعددة
وطقوسها المتنوعة. فديواني الأول "أطياف مائية" قبل نشره بسنوات نظمته
خلال فصول متفرقة تبعا للحالة النفسية والدفقة الإبداعية. وأطروحتي الجامعية
"المعارضة الشعرية" تداخلت فيها الفصول الأربعة، بحسب الجهد وتوفر
المادة النقدية. أما باقي كتاباتي النقدية المبثوثة في ثنايا كتاب
"قبعة الساحر" وكتاب "جمالية المكان" وكتاب "مديح
الصدى"، فقد أخذت نصيبها من كل فصل.
v أي شعور
يعتريك عندما تنهي نصك..؟
v هو شعور
ممزوج بالفرح والخوف في ذات الآن. فرح بالإنجاز والانتهاء، وخوف يستحضر كيفية تلقي
هذا المنجز من لدن القارئ المفترض. غير أن الشعور الذي يظل يرافقني طوال الوقت هو
الإحساس بأنني لا أزال في بداية الطريق، مهما أتممتُ وأنهيت.
v وأنت
تكتب هل تستحضر المتلقي..؟
v أكون
كاذبا لو قلت العكس. فاستحضار المتلقي هو، قبل كل شيء، استحضار لشرط التفاعل
الإنساني المطلوب في زمن قلّ فيه الإنصات للآخر، وأصبح كل يغني على ليلاه. وإن كان
الإنصات أحيانا، إلى الذات والكتابة لها أو عنها أمرا مبررا؛ فإن الحاجة إلى
الآخر/ المتلقي أمر مبرر كذلك، حيث إمكانية المتابعة والمساءلة والنقد وتبادل
الرأي، خدمة للثقافة والأدب. ثم ما معنى أن نكتب لِلا أحد؟؟؟
v هل تمارس
نوعا من الرقابة على ذاتك وأنت تكتب..؟
v عادة
أكتب بشكل تلقائي ولي طقوسي الخاصة، بما فيها لحظات الحمق والجنون. أحضر مادتي
وأحدد أسئلتي لأنطلق في عملية الكتابة؛ غير أن حضور الرقيب وارد لا محالة، سواء
بوعي أو بدونه. وإن كنت الرقيب الأول على ما أكتب فمن أجل توخي الدقة وتجنب السرعة
والاستسهال، ما دامت الكتابة أمانة ومسؤولية؛ لكنها أيضا حريّة.
v إلى أي
حد تعتبر الكتابة مهمة في حياتك..؟
v أهمية
الكتابة في حياتي الأدبية تكمن في مقدار ما أسهم به في الساحة الثقافية، وكذا في
القيمة المضافة التي يمكن أن أحققها في المجالات الإبداعية والنقدية والتربوية على
حد سواء. ولعل تفاعل القارئ، مع أو ضد ما أكتب، يحقق لي بعض المتعة التي أستشعرها
كلما فرغت من عمل أدبي ما. فالكتابة تحيا بالآخر مهما كان الاختلاف في التصور أو
المنهج أو الأداء أو غيره.
v الكتابة..
ما تعريفك لها..؟
v الكتابة
استحضار للمقروء والمرئي والمعاش. أعتبرها ضرورة من ضرورات الحياة، حيث فسحة
التأمل ومساءلة الواقع واستشراف المستقبل. الكتابة أيضا، مساحة للطهر وللجرح أيضا.
وهي، بين هذا وذاك، اختبار للذات الكاتبة، في علاقتها بالآخر والعالم وبالأشياء من
حولها. هي تفاعل وتواصل وأخلاق أيضا.
v إلى أي
حد أنت راض عما كتبت..؟
v يجدر
الحديث عن مدى الاقتناع بجدوى الكتابة أولا، قبل الحديث عن الرضى من عدمه. أما
اقتناعي فحين أشعر ببلوغ بعض أهدافي مما سطرته لحظة الكتابة، وكذا حين أجدني وفقت
في الدفاع عن رأي أو فكرة؛ أما عن الرضى فما أحسبني كذلك، لأني في الغالب أعتبر أن
ما كتبته لحد الآن هو بداية البدايات، لذلك سيظل هاجس الاجتهاد حاضرا لديّ
باستمرار، كلما استطعت إلى الكتابة سبيلا.
v عادة هل
تعيد قراءة ما كتبت قبل اتخاذك لقرار النشر..؟
v نعم
بالتأكيد، فأن أعيد قراءة ما كتبت قبل قرار النشر فيه تقدير وهيبة من فعل الكتابة.
وكثيرا ما ترددت في نشر بعض الأعمال، منها الإبداعي خاصة، لعدم حصول الاقتناع أو
الرضى المتحدث عنه أعلاه. لذلك تجدني أحيانا، أطلع بعض أساتذتي وأصدقائي على
مخطوطاتي لأخذ مشورتهم والإفادة من رأيهم.
إرسال تعليق