قصةُ التّـرجَـمة.. تـرجمةُ القِـصّة
لا شك أن
الحديث عن موضوع الترجمة لا يخلو من مصاعب تتعلق بالمفهوم من جهة وبالممارسة
الفعلية لها من جهة ثانية. كما أن اللغة والموضوع المرتبطين بهما يطرحان أيضا،
أكثر من رأي ومساءلة ومساجلة من جهة ثالثة.
في هذا
السياق، تنتصب أسئلة كثيرة أمام أي باحث يروم نقلَ كتابةٍ من لغتها الأصلية إلى
لغة أخرى، من قبيل: لم الترجمة؟ ما الغاية منها؟ وكيف تستقيم جنسا أدبيا؟ وبالتالي
ما الإضافة النوعية التي يخرج بها المتلقي عربيا كان أم أجنبيا؟ هي أسئلة وأخرى لا
تُستحضر أجوبتها إلا عبر الممارسة الفعلية للترجمة في صلتها بالأجناس التعبيرية
المختلفة. فماذا عن قصة الترجمة؟ وماذا عن ترجمة القصة؟ مدخلان يشكلان جزءا من هذه
المداخلة.
قصة الترجمة
لعل البحث
في تاريخ الترجمة اليوم لم يعد مجرد استعراض لما تم تداوله عبر مراحل زمنية
متفاوتة من محاولات لنقل نصوص من لغة إلى أخرى، منذ البدايات الأولى إلى العصر
الحديث؛ وإنما صار بالضرورة بحثا "في تلاقح الحضارات واحتكاك الثقافات
وتشكلاتها اللغوية والدينية المختلفة. فالبحث مثلا، في جزء من تاريخ الترجمة القديم
يتحول إلى بحث في تشكل نصوص العهد القديم العبرية في علاقتها بالنصوص الدينية
والأدبية المصرية والكنعانية والبابلية، ويكشف عن قضايا موغلة في القدم لكنها ذات
تأثير راهن كبير."[1]
وانطلاقا من
أن لكل مجتمع حضارته المميزة وثقافته الخاصة؛ فإن العبور إليه يحتاج إلى أداة
لغوية ومعرفية قبلية تمكنه من الاطلاع على الجديد الفكري والفني والاجتماعي لهذا
المجتمع أو ذاك. وبالرجوع إلى البدايات قليلا لا نعدم أن نجد في تاريخنا الأدبي
والإنساني جملة محاولات تتطلع لمعرفة الآخر اللغوي وتخصص له صفحات لمجاورته
ومحاورته. ولم يكن نقل الأفكار والقيم والطقوس والعادات وغيرها مما يشكل ثقافة
المجتمع المترجم له، منذ القدم إلى الآن، سوى دليل على هذا التواصل البشري واندماج
الثقافات والحضارات الإنسانية.
إن التفكير في
دراسة الترجمة بوصفها مبحثا أكاديميا "لم يبدأ إلا في النصف الثاني من القرن
العشرين، ويرجع الفضل إلى الباحث الأمريكي جيمس هومز في إطلاق اسم "دراسات
الترجمة" على هذا المبحث، في مبحث ألقاه في مؤتمر كوبنهاجن للغويات التطبيقية
في العام 1972، والذي لم يُعرف على نطاق واسع إلا في العام 1988."[2]
بهذا المعنى
تكون الترجمة أحد انشغالات الإنسان منذ القديم فهو "يحاول ربط الصلة بينه
وبين العالم الذي يحيط به لكي يفهمه، وبالتالي يستطيع السيطرة عليه. وهذا الربط هو
بالذات ما يمكن التعبير عنه بفعل التواصل بين شخص وآخر، بين القارئ والنص، بين
الذات والموضوع، وبين مختلف الحضارات والثقافات."[3]
في هذا
السياق، تخبرنا المصادر التاريخية ذات الصلة بعالم الترجمة أن هذه الأخيرة ارتبط
وجودها باللغات المكتوبة (منذ العثور على ترجمة لأجزاء من ملحمة جلجامش السومرية
خلال الألفية الثانية قبل الميلاد) واعتبرت نشاطا يقضي بنقل المعارف التي اكتسبها
الشخص إلى لغته الأصل. ففي الجاهلية مثلا، حصل احتكاك بين العرب وغيرهم من الأقوام
الذين يجاورونهم كالروم شمالا والفرس شرقا والأحباش جنوبا. كما حصل في العهد
الأموي تشجيع من الأمير خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان على ترجمة بعض
الكتابات العلمية والفلسفية وغيرها (حسان بن أبي سنان الأنباري، أبو العلاء سالم
بن عبد الملك).
وتواصلت
حركة الترجمة عند العرب إلى أن بلغت العهد العباسي وأصبحت علما قائم الذات أو إلى
حرفة لها شروطها ومقتضياتها. ويعود الفضل في ذلك إلى تشجيع الخلفاء منهم هارون
الرشيد وابنه المأمون، حيث ترجمت العلوم والآداب الأجنبية إلى العربية (القرن
التاسع الميلادي). وفي هذه الفترة ستنشأ دار الحكمة في بغداد (عهد المأمون) خاصة
بالترجمة. وقد ترجمت كتب أرسطو منها "الأخلاق" و"الطبيعة" من
اليونانية (حنين بن إسحق)، كما ترجم كتاب "كليلة ودمنة" للفيلسوف بيدبا
من الهندية وكتاب "الشاهنامة" للفردوسي من الفارسية (ق13) وغيرها.
ويعتبر الجاحظ صاحب فضل في وضع أصول للترجمة كعلم له قواعده وشروطه (ق9) في كتاب
أسماه "آراء الجاحظ".
ومن ثمة،
اقتضت الترجمة مترجما جيدا تتوافر فيه شروط المعرفة باللغة والعلم بالموضوع
المترجم وكذا إجادة اللغتين والتمكن من ضوابط الأسلوب والتركيب. ومع التنافس الذي
حصل بين المترجمين ازدهرت الترجمة وصار بالإمكان التمييز بين الترجمة الجيدة
والضعيفة أو المحرفة.
وإذا كانت
الترجمة قد عرفت تقهقرا في العهد العثماني حيث تم الانتصار للغة التركية على حساب
العربية؛ فإن مجيء السلطان محمد علي باشا أعاد لها الاعتبار وساهم في نهضة أدبية
خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر. وتجسيدا لتشجيع الترجمة والعناية بشؤونها
ستحدث "دار الألسن" عام 1835 أشرف عليها الشيخ رفاعة الطهطاوي. ثم توالت
الترجمات باستعادة بعض المؤلفات من الأدب العالمي برز منهم بطرس البستاني، ابراهيم
اليازجي، نجيب حداد (مترجم روميو وجولييت)، وسليمان البستاني (مترجم الإلياذة) ثم
حسن الزيات وطه حسين وتوفيق الحكيم ومصطفى لطفي المنفلوطي وما سواهم ممن أسدوا
خدمات جلى للغة العربية؛ بل والمساهمة في النهضة الأوروبية. وقد أشاد بهذا الدور
الكبير للعرب أحد المستشرقين الألمان غوته (1749/1832).
وهكذا توالت
الترجمات في فروع معرفية مختلفة منها الفلسفة والطب والرياضيات والفلك والموسيقى
والأدب والنقد.
ترجمة
القصة
تشكل
النماذج القصصية التي تُرجمت من اللغة الأجنبية إلى اللغة العربية أو العكس متنا
أدبيا قارا، من حيث إن كل ترجمة تطرح قضايا مختلفة تتعلق باختيار اللغة والموضوع
من جهة، وبزاوية النظر التي يُنطلق منها في تقديم النص المترجم معجما وتركيبا
وتصريفا ودلالة من جهة ثانية. ومن ثمة، فإن عزم مترجم ما على نقل مجموعة قصصية من
لغتها الأصل إلى العربية أو غيرها، يعكس بصورة أو بأخرى، طبيعة الاختيار والممارسة
التي يصدر عنهما شكلا ومضمونا. فإنْ وضَع المترجم تقديما لعمله، فإنه يحدد أسباب
الترجمة أولا من خلال بسطه لمكانة المؤلف وحضوره في الساحة الثقافية إن محليا أو
عالميا، وثانيا عبر عرضه لقيمة النصوص المترجمة وما تحمله من أفكار وقيم وأبعاد
إنسانية وجمالية.
أما إن فضّل
المترجم نشر النصوص مباشرة دون تقديم أو مدخل مصاحب؛ فإن تلك المختارات ونوعيتَها
تفي بالغرض المطلوب حيث الإبانة عن الذوق والكشف عن المرجعية الأدبية. نذكر من
أمثلة ذلك مختارات قصصية تحت عنوان "الحرب الغريبة"[4] جمعها وترجمها سعيد بنعبد
الواحد[5]. وهي مختارات للكاتب البرتغالي
مارْيودي كارْفالْيو قدم خلالها هذا الأخير شخصيات "تمثل الفئات الشعبية من
مدينة لشبونة، مستعملا أشكالا مختلفة من الفانطاستيك، كما أن أسلوبه الفريد، الذي
يذكر بكتابات أهم الكتاب الكلاسيكيين في الأدب البرتغالي، يتميز بتنوع سجلاته
وجرأته على طرح مواضيع تنتمي لكل العصور بطريقة ساخرة ومستفزة"[6]. ومعناه أن ما تميزت به نصوص
الكاتب البرتغالي من أبعاد فنية، في هذه المختارات وغيرها، قد حققت لدى المترجم
المغربي لذة لم تنحصر في الجانب اللغوي فحسب؛ وإنما امتدت لسائر المكونات البنائية
الأخرى للقصة القصيرة حيث الشخصيات والمكان والزمان وطرائق التعبير.
تضم هذه
المختارات البرتغالية عشرة نصوص قصصية تفاوتت من حيث البناء والحجم والدلالة. غير
أن المترجم في إطار العلاقة التواصلية التي نسجها مع المترجَم له، أبى إلا أن يشرك
الكاتب البرتغالي في وضع كلمة تأطيرية لهذه المختارات ويشرك من خلاله القارئ
المغربي والعربي على السواء. فجاءت كلمة القاص البرتغالي عبارة عن تأملات في
الكتابة القصصية تقرب القارئ العربي من فن القصة البرتغالية كما يفهمها ويمارسها.
يقول: "يبدو أن الحكايات التي تظهر فجأة في نقط مختلفة من العالم، بالتزامن،
وتطرح نفس المواقف والشخصيات، وتتولد عنها، في كثير من الأحيان، اكتشافات لغوية
وتأثيرات مضحكة تعود إلى غابر الأزمنة، تنتمي إلى نفس المجال الذي تتآلف فيه
الدهشة والحكمة. في الأدب البرتغالي، كان النثر التخييلي المهيمن عدة قرون هو
القصة، قبل روايات الفروسية، ويمثل في كثير من الأحيان أصداء حكايات آتية من
الماضي البعيد، ومن ثقافات وحضارات أخرى."[7]
لهذه الغاية
وتلك، تبدو الصلة الأدبية بين كاتب القصة ومترجمِها مبررة تسمح باستنتاج كون العمل
القصصي المترجَم قابلا للانتشار والتداول بين قراء العربية. وهو الأمر الذي ينسحب
على ترجمة أخرى لمختارات من القصة القصيرة جدا في أمريكا اللاتينية جاءت تحت عنوان
"بحثا عن الديناصور"[8] ارتأى مترجماها سعيد بنعبد
الواحد وحسن بوتكى تقريب هذا الجنس الأدبي الحديث من قراء العربية. ولتحقيق هذه
الغاية من نشر هذا الفن عبر الترجمة مهد المترجمان لعملهما "بتقديم نظري
وقراءة أولية في تقنيات ومواضيع النصوص المختارة."[9] التي ضمت "خمسة
وسبعين نصا قصيرا جدا، أبدعها ستة وعشرون كاتبا[10] وهي تجسد بشكل من
الأشكال، "ذوق من يقوم بعملية الاختيار من متن واسع ومتفاوت القيمة
فنيا"[11].
ولأن ترجمة
القصة تستدعي رؤية فنية خاصة تنسجم وذائقة المترجم؛ فقد كان لا بد من تبني مجموعة
من المعايير تلتقي فيها مختلف الأبعاد الزمنية والجغرافية والجنسية والفنية. وكل
بعد من هذه الأبعاد المعيارية يحدد طبيعة ونوعية الاختيار. ومن ثمة تحضر تمثيلية
الأجيال التي كتبت في هذا الجنس بما شهده من تحولات منذ منتصف القرن التاسع عشر
إلى بداية القرن العشرين. كما تحضر تمثيلية المناطق الجغرافية لأمريكا اللاتينية
التي ينتمي إليها كتاب القصة القصيرة جدا، على اختلاف حساسياتهم وتوجهاتهم الفنية.
وبين هذا وذاك تحضر تمثيلية النساء الكاتبات بما هن مشاركات في عملية الإبداع
ومساهمات في تحديث هذا اللون التعبيري. أما المعيار الفني فكان عاملا حاسما في
عملية الانتقاء حيث تنوع التقنيات والأساليب وما أفرزته من مغامرة وتجريب في
التعبير عن أحوال المجتمع والإنسان.
إن ترجمة
القصة في هذه المختارات تنم عن حس أدبي ونقدي تبدى جليا من خلال رصد الموضوعات
الوجودية والوجدانية التي أخذت باهتمام المبدع الأمريكي اللاتيني، وعبر مختلف
الطرائق الفنية التي سلكها في التعبير. ومن ثمة فإن قراءة النصوص القصيرة جدا
تضطلع بمهمة الترويج لهذا الجنس الأدبي الحديث وتعرض بعض خصائصه المميزة من قبيل
الاقتصاد اللغوي والتكثيف البلاغي والإيجاز والدهشة والانزياح؛ دون إغفال القواسم
المشتركة بينه وبين "الحكمة والمثل والنكتة والجملة الإشهارية وغيرها من
أشكال الكتابة القصيرة."[12]
وإذا كان
الكاتبان السابقان قد اختارا ترجمة القصة البرتغالية إلى العربية؛ فإن الكاتب عبد
الرحيم العطاوي اختار ترجمة القصة الروسية لأحد ألمع أسمائها وهو الكاتب أنطون
تشيكوف. فبظهور مجموعة "موت الموظف وقصص أخرى"[13] مترجمة إلى العربية، نكون
قاب قوسين أو أدنى من عالم تشيكوف الحكائي لغة وتشكيلا ودلالة. وهي مجموعة اختيرت
نصوصها بعناية تنم عن إحساس جمالي بتلك النصوص وما تحمله من شحنة فنية تجعل من
المجموعة ككل صورة من صور النموذج الأدبي.
ولعل أول ما
يميز هذه المجموعة المترجمة تعدد أشكالها القصصية، إذ ثمة قدره هائلة على تبني
مختلف الأنماط السردية كالأقصوصة والقصة القصيرة والقصة الطويلة من جهة، وغنى
الحكاية فيها من جهة ثانية. تضم المجموعة اثنتي عشرة قصة مختارة تمت ترجمتها في
فترات متباعدة قبل أن تجمع مع بعضها في كتاب. يقول أحمد أبو حسن في تقديمه، وهو
تقديم يهدف إلى إعطاء صورة ماكروسكوبية عن المجموعة، مادة ومحتوى، كما يعرض لبعض
العوامل الذاتية والمعرفية والجمالية التي كانت وراء اختيار الكاتب ترجمة نصوص
بعينها، مبديا بعض الملاحظات النقدية بشأن هذه الترجمة حيث يراها "تقترب من
النص الأصلي الروسي وتحتفظ بطاقته الأدبية والجمالية في النص العربي...لأن المترجم
لم يكن همه هو تعريب النص الروسي على حساب جمالية النص الأصلي بل حاول الاحتفاظ
بقدر من تلك الجمالية في النص العربي حينما يقدم لنا ترجمة تتوفر على طاقات
انزياحية هامة تستدعي تحريك الموسوعة الأدبية العربية عند القارئ"[14].
وانطلاقا من
القراءة الأولية للقصص المترجمة نلاحظ أن مجموع أحداثها تخضع لمبدأ التعاقب الذي
يطبع نماذج القصة القصيرة الكلاسيكية، إذ نرى الحدث يسير وفق الأقانيم الثلاثة:
بداية/ عقدة/ انفراج. فالحدث ينمو شيئا فشيئا ثم يتلاشى تدريجيا عند النهاية. وإذا
كان القاص، يشير إلى نفسه، من خلال ضمير المتكلم (أنا)، كسارد في أول نص قصصي؛
فإنه سرعان ما يختفي وراء ضمير الغائب (هو) حيث يحضر كسارد بالدرجة الأولى في ما
تبقى من النصوص. غير أن الكاتب سرعان ما ينفلت من سارده ليظهر داخل النص، كمعلق أو
موضح، فنكون أمام ضمير الغائب وسارد متماثل حكائيا في نفس الوقت.[15] وهكذا تضعنا ترجمة القصة
أمام نماذج سردية جديدة يتم التعرف إليها انطلاقا من الوقائع والأحداث التي تنفرد
بها كل قصة من القصص المختارة.
وعلى النقيض
من الأعمال السابقة حيث ترجمة القصة من اللغة الأجنبية إلى اللغة العربية، نذكر
نموذجا لكاتب مغربي آخر اختار ترجمة القصة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية
في عمل أسماه "الحاءات الثلاث"، يتعلق الأمر بالقاص والمترجم سعيد
الريحاني. وقد كانت الغاية من هذا الفعل الترجمي، كما يقول الكاتب، هي الرغبة في
التعريف بالقصة المغربية عالميا وجعل المغرب يحتل مكانة أدبية كعاصمة للقصة
القصيرة من خلال التركيز على نصوص تمتح من موضوعات ثلاث تتمثل في الحلم والحب
والحرية. وهكذا سيترجم الكاتب نصوصا لخمسين من القاصين والقاصات المغاربة معتبرا
هذه الترجمة ليست إلماما باللغة المترجم منها واللغة المترجم إليها؛ وإنما هي رؤية
قبل كل شيء.
لقد حرص
المترجم في هذا العمل الأدبي ألا يجعل من أمر ترجمة القصة المغربية يتعلق بنقل
الكلمات من لغة إلى أخرى بل بنقل سياق ثقافي محدد في العمل الإبداعي موضوع الترجمة
إلى سياق ثقافي ثان في عمل إبداعي ثان. لذلك تجده يتصرف في النص كلما اقتضت
الضرورة ذلك، بحكم ممارسته لكتابة القصة وأقربَ لفهم القاص المترجم له من أي مترجم
آخر.
ولم يقتصر
أمر الترجمة على نقل القصة من لغة إلى أخرى؛ بل جاوزه إلى ترجمة بعض ما كُتب عنها
من دراسات نقدية متخصصة، نذكر منها مقالات ترجمها فريق مجموعة البحث في القصة
القصيرة بالمغرب وضمها في كتاب تحت عنوان "في نظرية القصة". وهي
"مجموعة من المقالات موضوعها النظر في القصة نظرا يعكس جوانب من النشاط
التنظيري والفكري بصدد فن أدبي حديث رؤية وأساليبَ وأفقا جماليا."[16] وقد جاءت هذه الترجمة
اعتبارا لكون القصة "جنسا أدبيا حديث التقاليد، وذاتي النزعة. ولعل ذلك ما
يفسر أن قسطا وافرا من النظر في بنياتها النوعية صدر، وما يزال، عن كتابها أنفسهم،
وهو ما يفسر وجود دراسات ضمن هذا العمل، لكل من ألبرتو مورافيا وخوليو كورتزار
وخورخي لويس بورخيس وخوان مياس... وهي تأملات ذاتية انعكاسية، أو ذاتية محايثة
لممارسة الكتابة القصصية عموما، أو مستحضرة لعناصر من الثقافة والمعرفة في
علاقتهما الوظيفية بالكتابة القصصية."[17]
استنادا إلى
ما سبق، تصبح الترجمة فعلا ثقافيا ضروريا يقرب بين سائر اللغات، العربية وغير
العربية من جهة، ودليلا حاسما يؤكد ما للتواصل الأدبي والإنساني بين القبائل
والشعوب من دور حيوي من جهة ثانية. ولعل الحديث عن ثلاثية الترجمة كما وصفها جورج
شتاينر في نظريته، التي تشمل الترجمة الحرفية (كلمة بكلمة) والترجمة الحرة (دلالة
بدلالة) والترجمة الأمينة، يعد مدخلا آخر لدراسة الترجمة من زاوية مقارنة. وتلك محطة
دراسية أخرى.
المراجع
· أحمد
جوهري. في تاريخ الترجمة ما بعد جريمة قابيل. منشورات كلية الآداب وجدة . وجدة
2012
· أحمد
زنيبر. بعض تجليات الواقع في قصص أنطون تشيخوف. مجلة قاف صاد. مجموعة البحث في
القصة القصيرة بالمغرب.
· أنطون
تشيخوف. موت الموظف وقصص أخرى. ترجمة عبد الرحيم العطاوي. الكلام للنشر والتوزيع.
الرباط.
· سعيد
بنعبد الواحد وحسن بوتكى. بحثا عن الديناصور مختارات من القصة القصيرة جدا في
أمريكا اللاتينية. مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب. البيضاء 2005
· علي
شريعتي. تاريخ الحضارة. ترجمة حسين نصري. دار العلوم والثقافة . 2006.
· ماريودي
كارفاليو. الحرب الغريبة مختارات قصصية. ترجمة سعيد بنعبد الواحد. سعد الورزازي
للنشر. الرباط 2010
· مصطفى
جباري وعبد المجيد جحفة. في نظرية القصة مقالات مترجمة. مجموعة البحث في القصة
القصيرة بالمغرب. البيضاء 2011
· هبة
الله محمود عارف. دراسات الترجمة.. النشأة والتطور. مجلة عالم الفكر. العدد 180
السنة 2019
+/ إحالة: نشر المقال بمجلة العربي. العدد 745 السنة 2020
[1] - في تاريخ الترجمة ما بعد
جريمة قابيل. أحمد جوهري. منشورات كلية الآداب وجدة . وجدة 2012. ص6
[2] - دراسات الترجمة.. النشأة
والتطور. هبة الله محمود عارف. مجلة عالم الفكر. العدد 180 السنة 2019 ص49
[3] - تاريخ الحضارة. علي
شريعتي. ترجمة حسين نصري. دار العلوم والثقافة . 2006. ص94-95
[4] - الحرب الغريبة مختارات
قصصية. ماريودي كارفاليو. ترجمة سعيد بنعبد الواحد. سعد الورزازي للنشر. الرباط
2010
[5] - من الأعمال القصصية التي
ترجمها سعيد بنعبد الواحد للبرتغالي فرناندو بيسوا: "حكايات منطقية"،
الباب وقصص أخرى" و"كواريشما فكاك الرموز"
[6] - كلمة على ظهر الغلاف
[7] - الحرب الغريبة. ص108
[8] - بحثا عن الديناصور
مختارات من القصة القصيرة جدا في أمريكا اللاتينية. ترجمة سعيد بنعبد الواحد وحسن
بوتكى. مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب. البيضاء 2005
[9] - بحثا عن الديناصور. ص21
[10] - نفسه. ص21
[11] - نفسه. ص21
[12] - بحثا عن الديناصور. ص11
[13] - أنطون
تشيخوف. موت الموظف وقصص أخرى. ترجمة عبد الرحيم العطاوي. الكلام للنشر والتوزيع.
الرباط.
[14] - انظر التقديم الذي خصه
أبو حسن لهذه المجموعة المترجمة ص: 5-7
[15] - انظر دراستنا الموسومة
ب"بعض تجليات الواقع في قصص أنطون تشيخوف". مجلة قاف صاد. مجموعة البحث
في القصة القصيرة بالمغرب. ص53-62
[16] - في نظرية القصة مقالات
مترجمة. ص8
[17] - انظر دراستنا "بعض تجليات الواقع في قصص أنطون تشيخوف". مجلة قاف صاد. مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب. ص53-62
عمل دقيق اللهم بارك
ردحذفشكرا
حذف