U3F1ZWV6ZTkyMzU4Njc2MzA1NjBfRnJlZTU4MjY3ODM5MzQ1ODI=

سيرةُ الذّات والكِتابة

 

في كتاب (رحيق العمر) لعباس الجراري

دأب النادي الجراري، منذ سنوات عدة، على نشر عدد من الكتب والأبحاث في مختلف المجالات العلمية والأدبية، تنظيرا وتحليلا. وهو تراكم مهم ساهم في إثراء المكتبة المغربية والعربية، من جهة، كما ساهم في تجديد الصلة الثقافية مع القراء والباحثين في شؤون الفكر والفن والأدب، من جهة ثانية. وإذ يخلد النادي، هذه السنة، الذكرى التسعين لتأسيسه (1930-2020) لا يكون قد حقق حضوره المطّرد فحسب؛ بل أكد أيضا، كفايته الثقافية في تدبير شؤونه وتحقيق أهدافه.


في هذا السياق الاحتفالي بالنادي الجراري، صدرت مجموعة من الأعمال، عبارة عن دراسات وأطاريح ودواوين وندوات، من بينها كتاب "رحيق العمر. موجز سيرتي الذاتية. ج1 النشأة والمشروع"[1] لعباس الجراري، أحد القائمين على هذا الصرح الثقافي والمحافظين على استمراره وانتظامه. فماذا عن هذا الكتاب/ السيرة؟ وما الجوانب التي آثر الكاتب الكشف عنها وتقاسمها مع القارئ المفترض؟ ثم ماذا عن القيمة المضافة في مثل هذا المنجز السيري؟

تأطير

تعددت التعاريف التي أفردت للسيرة الذاتية، باعتبارها شكلا تعبيريا، واختلفت مضامينها وأشكال كتابتها، من كاتب لآخر، باختلاف التمثلات والمنطلقات. الأمر الذي يتحول إلى إشكال معرفي ومنهجي، من خلال استحضار جملة أسئلة، من قبيل: ما الغاية من كتابة سيرة ذاتية؟ ما السر في عرض حياة الفرد على عموم القراء؟ وهل ثمة ما يغري، في هذا المنزع السردي أم هو مجرد نزوة عابرة؟ بل، كيف يستعيد الكاتب حياته/ محكيه، في ظل الثقوب التي تنخر الذاكرة؟ ثم ماذا عن معيارَيْ الصدق والتخييل في كل ذلك؟ وهي أسئلة تعني الكاتب والمتلقي معا. فالسيرة اختيار، قبل كل شيء، واستحضار لجملة شروط، منها الوعي بالسرد واستدعاء الضمير واسترجاع الذاكرة وانتقاء الموضوعات.

إنها، بلا شك، كتابة/ سيرة تنطلق من رؤية فنية ومنهجية. تعلن عن نفسها، وتورط كاتبها في التعبير عن الذات والتعريف بها وكشف دواخلها، إن تصريحا أو تلميحا. ولنا في التاريخ الأدبي الحديث، نماذج من هذه الكتابات/ السّيَر، التي تنم عن طبيعة الاستجابة إلى نداء الداخل. لعل طه حسين في "الأيام" وأحمد أمين في "حياتي" وعباس محمود العقاد في "أنا" من المشرق مثلا، أو عبد المجيد بنجلون "في الطفولة" وعبد الكبير الخطيبي في "الذاكرة الموشومة" ومحمد شكري في "الخبز الحافي"، وغير هؤلاء من المغرب، يقدمون صورة تقريبية عن هذا النمط من الكتابة الأدبية، ذات الفرادة والخصوصية. كتابة لا تقف عند حدود الترجمة والتعريف؛ بل تتخطاها لربط جسور التواصل بينها وبين الآخر، الشبيه والمختلف، في ذات الآن.

ولأنّ لا أحدَ يجبر أحدا على البوح والاعتراف؛ فإن الكاتب نفسه هو من يبادر بتقديم ما يراه جديرا بالمشاركة والتقاسم مع القارئ المفترض. ومن ثمة، لا نعدم أن نجد في الكتابات السردية، رواية وسيرة، بعض الشهادات الدالة على إثارة بعض أو جل الجوانب الخفية من الذاكرة، بوصفها مناطق قابلة للكشف والاكتشاف. وتشكل الطفولة، في الغالب، أولى المحطات الاستعادية، التي ينطلق منها كاتب السيرة، قبل أن يتابع تفصيل الحديث عن مساراته الأخرى. وهي المسارات المرتبطة بالتكوين والوظيفة والعلاقات وردود الأفعال تارة، وبالمواقف والوقائع والأحداث المؤثرة، تارة أخرى.

عن الدافع والاختيار

يندرج الجزء الأول من سيرة الدكتور عباس الجراري "رحيق العمر"، لينضاف إلى سلسلة السير المغربية، في بعدها البيوغرافي العام. ولعل أول ما يسترعي انتباهنا، ذلكم العنوان اللافت الذي اصطفاه لعمله. فثمة لفظ "الرّحيق"، بما هو عطر وطيب ورائحة زكية، وثمة لفظ "العمر" بما هو عبور في الزمان وحضور في المكان. والجامع بين اللفظين، انخراط في مسار تجربة إنسانية، تمتد رحلتها من زمن النشأة إلى زمن النضج الفكري والثقافي. كما أن العنوان الفرعي المصاحب (موجز سيرتي الذاتية) للعنوان الرئيس (رحيق العمر)، يحيل رأسا إلى جنس العمل وهو السيرة الذاتية، ويوجه القارئ المطلع، بصورة أو بأخرى، إلى المضمون المرتقب حيث الإيجاز في العرض والاقتصار على الأساسي من السيرة.

نحن، إذًا، أمام تجربة حية، واقعية غير متخيلة، اغترف صاحبها من ينابيع صافية أهلته للحظوة والقدوة، وهيّأته لاحتلال مكانة رفيعة في المشهد الثقافي والأدبي. يقول الكاتب في مقدمة هذا العمل: "هذا وأود أن أشير إلى أن قصدي من تسجيل هذه السيرة أن تكون خالصة صادقة، وصافية من كل تزييف أو تحريف أو مبالغة. وهو ما اجتهدت أن التزمه ولا أحيد عنه. ولو شعرت بأدنى ميل عن هذا الالتزام لأسرعت إلى تمزيق ما كتبت باعتباره سيكون غير ذي أهمية بالنسبة للأجيال الجديدة المتطلعة على مزيد من التواصل فيما بينها ومع من سبقها، وإلى مزيد من معرفة تلك الحقائق وتأمل واقعها، في بعدها الممتد أزيد من ستة عقود، منذ انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ فجر الاستقلال والحرية." (ص17)

يلاحظ، مما سبق، أن دوافع التأليف، في بعده السيري، مبرر ومقصود. فالكاتب واع بما للكتابة من دور فعال، في إحداث التواصل بين الأجيال، ومدرك للغاية المنبثقة عن هذا الفعل الكتابي. فالقارئ متنبه، لا محالة، إلى ما أولاه الجراري لهذه السيرة الموجزة من أهمية، من خلال انتصاره الصريح لقيم الصدق والأمانة في نقل الأخبار وعرض الأحداث. فالرغبة في كتابة ترجمة شخصية، بحسب رأيه، لا تستهدف البتّة الاستعلاء والمبالغة، في عرض ما يتصل بمسار الذات الكاتبة، بقدر ما يتوخى من ورائها أن "تكون موسعة بعض الشيء ومستوفية كذلك بموضوعية وإنصاف لتلك الفراغات والثغرات، وإن بإيجاز". (ص8)

استنادا إلى ما ورد في مقدمة عباس الجراري، لموجز سيرته الذاتية (رحيق العمر)، يتضح أنها سيرة ذات وجهين. أحدهما ذاتي والثاني موضوعاتي. لذلك انتظمت وفق تسلسل زمني، تخللته موضوعات رئيسة شكلت بناءها السردي العام.

عن الانتماء والمدينة

تخللت سيرة الجراري، مباحث تفصيلية ترصد مختلف المحطات التي طبعت ذاكرة الكاتب. وقد كانت أولى هذه المحطات تلك الإشارة المركزة إلى نسب الأسرة الجرارية، حيث اكتفى بعرض أهم الخلاصات التي انتهت إليها بعض الكتابات في الموضوع. يقول عباس الجراري: "وأبدأ هذه الخلاصة بأن "الجراري" نسبة إلى عرب بني جَرّار (بفتح الجيم وتشديد الراء المفتوحة) وإن شاع في الاستعمال النطق به مكسور الجيم ومده وتخفيف فتحة الراء (الجيراري)، وقد أثبت معظم النسابين والمؤرخين هاشميتهم الجعفرية الزينبية، وإن ورد في ترجمة بعض الجراريين المنتسبين إلى الفرع السكرادي أنهم أدارسة حسنيون، حسب النسب المتداول بين أفراده." (ص24) 

ثم يمضي الجراري في التعريف بأسرة "الجراريين"، ليصل إلى تمييز المؤرخين لثلاثة فروع منها، اشتهر أبناؤها، جميعهم، بالعلم والفضل والصلاح، مثلما برزوا في مجال السياسة والدفاع. يقول: "وقد جمعت في كتابي المخطوط "الجراريون في التاريخ" نحو مائتي علم من الذين برزوا في مختلف الميادين، لعل الله ييسر نشره." (ص27) وتلك إشارة، أخرى، إلى أن الكاتب لا يزال على العهد في مواصلة الكتابة والتعريف بالأدب وأعلامه المبرزين. لذلك، لم يكن غريبا أن يفخر الجراري بانتمائه لهذا الأصل الطيب.

ولأن الذات الكاتبة لا تخرج عن سياقها الذي توجد فيه، فقد خص الجراري حيزا مهما لمدينة الرباط، باعتبارها مسقط الرأس أولا، وباعتبار مكانتها الضاربة في أعماق التاريخ، بما حققته من حضور فعلي ضمن المدن المغربية الأخرى ثانيا. فهي المدينة التي تعاقب عليها عدد من الملوك والسلاطين، منذ الأدارسة فالمرابطين والموحدين والسعديين إلى العصر العلوي الزاهر، حيث شهدت كثيرا من الأحداث والوقائع، التي حولتها من مجرد مدينة جغرافية عادية إلى مدينة حضارية ذات سيادة. وهو ما جعل الكاتب يشيد بدورها الطلائعي ويوطن الحديث على جوانب كثيرة، من بينها ما له علاقة بالسياسة والاقتصاد وبالسياحة والعمران. هذا الدور الطلائعي لمدينة الرباط، لم تكن لتضطلع به لولا العنصر البشري المكون لها. يقول الكاتب: "ففي هذا العنصر انصهرت منذ التاريخ القديم فئات بربرية وعربية بعضها عريق في المنطقة، وبعضها وافد من أقاليم المغرب المختلفة، قبل أن يطعم بالرافد الأندلسي الذي طبع المدينة منذ الهجرة التي حدثت أوائل القرن الحادي عشر الهجري." (ص40)

وتكفي الجراري، في هذا الصدد، بعض الإشارات الدالة، في سيرته الموجزة، إلى ثلة من الأعلام الرباطيين وما كان لهم من حضور وتميز في مجالات الفكر والفن والأدب. وهي أسماء ساهمت، كل من موقعها، في إحداث نهضة ثقافية وحضارية مميزة، خلال الأربعينيات من القرن الماضي. ولعل مراجعة النصوص التاريخية وما سجلته من وقائع وأحداث تؤرخ للمرحلة، كفيل بترسيخ الصورة الإيجابية عن هذه المدينة، ملكا وشعبا، وتأكيد الحظوة التي خصت بها، حين اختيرت، في عهد الملك محمد السادس، "مدينة للأنوار وحاضرة للثقافة والفنون." (ص45)

عن الوالد وما ولد

ثم يصل كاتب السيرة إلى لحظة مفصلية، تمثلت في العناية الدقيقة بشخصية الوالد عبد الله بن عباس الجراري، باعتباره القدوة والمثال. وقد تم التركيز فيها على استحضار ما لهذه الشخصية من مؤهلات علمية ومهنية، مكنته من أن يكون ذا شأن في البلاد. ولم يفت الكاتب أن ينوه ببعض المبادرات الشخصية للوالد، وأن يذكر ما كانت له "مع بعض العلماء الغيورين محاولات لتكوين هيئة للعلماء انطلاقا من الرباط، يشار منها إلى تأسيسه (جمعية الصداقة والثقافة) في نونبر1928. كما يشار إلى تأسيسه (جمعية ثقافية) بهدف نشر التعليم والثقافة بالرباط في مارس 1937." (ص51). بالإضافة إلى مبادرات تعدّت الجانب الشخصي إلى الجانب الرسمي، وأبانت عن روح وطنية عالية. كما أن ولع الوالد بالكتابة والتدوين، وما تركه من كتابات ومؤلفات، مطبوعة ومخطوطة، تنم عن موسوعية ظاهرة.

لقد عبر الجراري، في هذه السيرة الموجزة، عن شديد الإعجاب والانجذاب إلى الوالد، ليس فقط لكونه أبا مثاليا؛ وإنما لكونه مؤثرا في مساره وتكوينه. وقد حق له أن يفخر به، حاضرا وغائبا، انسجاما مع أخلاقه وخصاله. هكذا كلما انبرى للحديث عن الوالد، في علاقته به وبإخوته، إلا واستعاد من صفاته وميزاته، ما يبرر ذلك. فحياة الوالد نظام وانضباط واحتياط وتوسط واعتدال، مع ميل إلى المشي والأسفار وشغف بالمطالعة. يقول الكاتب: "ولعلي أكثر إخوتي حظا في هذا المجال، إذ قرأت كثيرا من الكتب التي كانت في معظمها مما توصف ب (الصفراء)، ولا سيما في فترة الأزمة المشار إليها، حين كان رحمه الله معفى من أعماله التفتيشية وكنت أنا ملازم الدار بسبب المرض." (ص77)

إن حب القراءة التي زرعها الوالد في الولد، داخل البيت، وعمل على دعمها وتثبيتها بسلسلة من تمارين الإنشاء والتعبير وحرص على مصاحبة المصادر والمراجع، كان من شأنه اكتساب مهارات في الكتابة والخطابة، وما رافقها من تأثير على المسار الدراسي. يقول: "ولست أشك في أن هذه الدراسة المنزلية المتينة هي التي شجعتني في سنة 1956 فور إعلان استقلال المغرب، على أن أغير اتجاه تعليمي من الفرنسية إلى العربية، وأنا يومئذ في قسم الباكالوريا بالثانوية اليوسفية، وعلى أن أستسمح الوالد أن أرحل إلى القاهرة لإتمام دراستي العليا." (ص79)

هكذا يمضي عباس الجراري في استدعاء الذاكرة وما علق بها من زمن الطفولة والشباب، بما تضمنته من إشارات وإلماعات، وما رصدته من أخبار وأحداث. والواقع أن المبحث الذي خصه الكاتب للحديث عن علاقته بالوالد، جاء مفعما بالود والمحبة، مثلما جاء محملا بمشاعر الفضل والاعتراف. وما الإشارة إلى التربية والسلوك والثقافة والحوار والمصادقة وغيره، إلا غيض من فيض ما للوالد من أفضال وخصال. فكثير من الأقوال التي نقلها عنه والنصائح التي سمعها منه، كانت خير معين له في مواصلة الحياة. يقول: "كان -رحمه الله- غالبا ما يذكر لي أن (الإنسان لا يصير قنديلا إلا بعد أن يكون منديلا)." (ص10)

عن التكوين والانفتاح

شكل المسار التعليمي لعباس الجراري، لحظة فارقة ومميزة. فقد توقفت السيرة عند أهم المراحل التي شكلت تحولاتها قيمة تاريخية. ذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، انتقاله المباشر من القسم الثالث إلى الخامس من التعليم الابتدائي (ص86) وتردده على الكُتّاب ثلاث مرات في اليوم قبل التوجه إلى المدرسة والعودة منها، وما كان في ذلك من تعب وإرهاق (ص87) ثم تعرضه لمجلس تأديبي بسبب قراءة جريدة وطنية (العلم لسان حزب الاستقلال) أثناء الساعة الفارغة (ص90)، بالإضافة إلى ذكره لأسماء المعلمين والأساتذة وما لقي من بعضهم من تنويه وتشجيع (ص93)، لم يجد التلميذ إلا إصرارا على التعلم وطلب المزيد. وهو ما تبدى واضحا من خلال ما أنجزه من عروض ومقالات وكتابات في موضوعات مختلفة، ارتبط بعضها بالأنشطة المدرسية والثانوية وأخرى ببعض التأملات والانطباعات الشخصية. يقول: "كما أني طوال هذه المرحلة وما قبلها كنت أتلقى على الوالد في البيت جملة وافرة من العلوم العربية والإسلامية وأتدرب على الكتابة وفق ما سبق أن ذكرت." (ص94). ولعل بيان ذلك، وشاهده من المكتوب، نظفر به في مجموع م دونه الكاتب، خلال تلك المرحلة وما بعدها، وقد جمعت في كتاب بعنوان: (طفولة قلم)[2].  

هكذا، مع توالي السنوات الدراسية، بمختلف مراحلها، يشتد عود التلميذ/ الكاتب وتزداد نباهته ويكبر فرحه عندما أتيحت له فرصة الدراسة الجامعية بالقاهرة. ومن ثمة، صار بالإمكان الحديث عن طالب مغربي أبان عن نباهة وتفوق كبيرين. وبات اسمه مقرونا بالتميّز والجدّية. وقد شكلت هذه الفترة القاهرية نقطة ضوء في مسار الكاتب استنار بعلمائها ومدرسيها وتأثر بأحداثها وتحولاتها وشارك في بعض وقائعها. يقول في توثيق لحدث تاريخي: "وما أن انطلقت الدراسة واقترب شهر أكتوبر من نهايته حتى حدث ما لم يكن بالحسبان، إذ تعرضت مصر لما سمي يومئذ ب(العدوان الثلاثي)... في هذا الوقت وبالضبط يوم الأربعاء 30 أكتوبر، خطب (الصاغ) كمال الدين حسين وزير التربية والتعليم وقائد جيش التحرير وأعلن إيقاف الدراسة... لأجل غير محدود وأهاب بالتلاميذ والطلاب أن ينضموا لهذا الجيش وخوض المعركة. فما كان مني ومن بعض التلاميذ المغاربة إلا أن انخرطنا في فرقة من المتطوعين.. " (ص98)   

ولم تتوقف رحلة الدراسة الجامعية بمصر فحسب؛ بل امتدت للدراسة بفرنسا أيضا. وقد كانت هذه المرحلة، بين مصر وباريس ثم مصر من جديد، تجسيدا حقيقيا لما انتاب الكاتب، خلال رحلته، من مشاعر الغربة والوحدة، لم يخفف من وطأتها إلا ما لقيه من حفاوة وترحيب.

يقول الكاتب: "وحدث ذات صباح أن استدعاني عميد الكلية إلى مكتبه ليخبرني أني رتبت الأول على زملاء الامتياز، وأني أستحق ابتداء من العام مكافأة شهرية من رئاسة الجمهورية. ثم أخذ ينوه بي ويشجعني على الاستمرار مما جعلني أشعر بسعادة وابتهاج، لا سيما وقد كان حاضرا في هذا اللقاء ثلة من أساتذتي الأعزاء." (ص102) ولعل في مثل هذه المواقف ما يشعر المرء بالارتياح والرغبة في الاستمرار. وهو ما حصل مع الكاتب حين ضاعف جهوده العلمية بزيارة المكتبات والتنقل بين المصادر والمراجع وتطوير العلاقة بينه وبين الأساتذة والباحثين.

إن تركيز الجراري على هذا الجانب التكويني في مسار حياته، جدير بالاهتمام والتأمل، بالنظر إلى ما في ذلك من تنبيه إلى أن عالم البحث والكتابة لا يتأتى إلا بما توافر لدى الفرد من مؤهلات معرفية وكفايات تواصلية ومنهجية. بهذا المعنى، تصير المدرسة والجامعة، إلى جانب البيت والكُتّاب، أمكنة ضرورية تمكن هذا الفرد أو ذاك، من تلقي مبادئ التربية على القيم والاختيار، كما تمكنه من تحصين الذات وتحفيزها على الإبداع وتجويد الأداء. ومن ثمة، إمكانية ولوج سوق الشغل والمساهمة الفعلية في خدمة المجتمع.   

عن الوظيفة والأداء

لم يكن الحديث عن المسار الوظيفي، بأقل أهمية عن المسار التكويني للكاتب. فبالرغم من العروض المغرية التي اقترحت على صاحب السيرة، فقد اعتذر عنها في مقابل متابعة الدراسات العليا. (ص115)؛ بل إنه سيقدم استقالته من وزارة الخارجية ليلتحق بهيئة التدريس في جامعة محمد الخامس في 1956. يقول: "وأذكر أني حين أخبرت الوالد بهذا القرار، قدم لي مجموعة من النصائح التي استفدت منها طوال مسيرتي في التدريس بالجامعة. وكان مما جعلت نصب عيني باستمرار قوله رحمه الله (إذا كنت تريد أن تكون أستاذا ناجحا لا بد أن تراعي شرطين: الأول أن تجعل طلابك يعرقون جبينك، والثاني أن تخرج من بينهم من يتفوقون عليك)". (ص120)

غير أن رحلة الدراسات الجامعية، لم تكن مفروشة بالورود، كما يقال؛ بل رافقتها مشاكل ومعاناة دوّنها الكاتب بعناية، استدعاء للتوثيق وحفظ الذاكرة. وقد كانت، هذه الاستعادة، مناسبة للنبش في بعض الجوانب السلبية ذات الصلة المباشرة بسلوكيات مسيري الجامعة المغربية، آنذاك. (ص124-125) يقول الكاتب: "وعدت إلى الرباط لأبدأ اتصالات إدارية معقدة لمراجعة وضعيتي المشطب عليها، فالتقيت مرارا بالمرحوم عبد اللطيف الفيلالي الذي كان يومئذ وزيرا للتعليم العالي، وكذا بالسيد إبراهيم بوطالب الذي كان عين عميدا جديدا للكلية، فكانت النتيجة ما انتهينا غليه أني (ارتكبت خطأ إداريا فادحا بالسفر دون إذن، وأنهما في أحسن الأحوال سيعملان على تجديد تعييني وكأني أوظف في الجامعة لأول مرة) وهو ما رفضته." (ص126) وظل التشبث بالموقف في العودة إلى التدريس بالجامعة المغربية واسترداد جميع الحقوق بعد الحصول على الدكتوراه، في موضوع عُدّ الأول في مجاله عن الأدب الشعبي، تيسر نشره في ما بعد بعنوان: (الزجل في المغرب القصيدة)[3].

أما عن فترة التدريس بالجامعة المغربية، سواء بفاس أو الرباط، فقد أملح الكاتب إلى ما اعترضته من مشاكل إزاء رغبة جامحة في تدريس الأدب المغربي، ضمن وحدة مستقلة. يقول في هذا السياق: "تمكنا من تأسيس شعبة للغة العربية وآدابها في الكلية الأصلية بالرباط، وانتخبت رئيسا لها وإن بقيت على صلة وثيقة بفرع فاس الذي أصبح كلية مستقلة، خاصة في مجال الدراسات العليا والإشراف على البحوث الجامعية." (ص127)

ولعل الكاتب، بعد استطراده في الحديث عن المناصب الإدارية واعتذاراته المتتالية، يعود للحديث عن مهمة التدريس وشرف التعيين بالمعهد المولوي 1980، بالإضافة إلى التكليف، من قبل الملك الراحل الحسن الثاني، بمهام علمية وثقافية وغيرها من المكرمات الملكية. يقول الجراري: "وإني لأستسمح للاعتراف بأني كنت منذ طفولتي الأولى -وكما سبق أن ذكرت في حديثي عن مهام الوالد رحمه الله- على صلة -مباشرة وغير مباشرة- بالمحيط الملكي وفي رعايته، منذ عهد السلطان المجاهد سيدي محمد بن يوسف قدس الله روحه. ومع ذلك فإن ما لقيته من عناية فائقة وما اكتسبته من خبرة بجانب جلالة الحسن الثاني رحمه الله، ولا سيما مع جلالة الملك سيدي محمد السادس أيده الله ونصره، لا تكفي لإبراز أهميته وغناه بالنسبة لي إشارات عابرة في مسيرتي الموجزة..." (ص136)

عن المرأة والعاطفة

استكمالا لمباحث هذه السيرة الموجزة، في تشاكُلاتها وتشكّلاتها المختلفة، يؤثث الجراري فضاء السرد بحديث ناعم عن المرأة/ الزوجة، في إشارة دالة إلى القولة الصوفية الشهيرة (كل ما لا يؤنث لا يعول عليه). هكذا، لربط السابق باللاحق، يعمد الكاتب إلى ذكر اللقاءات الأولى التي جمعته، في مصر، بإحدى الفتيات الجميلات النبيهات، وكيف حصل الاستلطاف فالانشداد ثم التواصل والتقارب. (ص138-139).

لقد كانت هذه الزوجة خير رفيق وسند؛ بل وأعزّ ما يطلب في مثل الظروف التي مر بها الكاتب، إذ اقتسمت معه الحياة، بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة. يتعلق الأمر بالسيدة حميدة الصائغ وما تحملته من أعباء وتميزت به من صبر وثبات.

هكذا، لم ينحصر دور المرأة/ الزوجة في صيانة البيت ورعاية الأولاد، بل انضاف إلى مهامها تلك، حرصها الشديد على ملازمة الزوج/ الباحث في تيسير نشاطاته الثقافية وتدبير أعماله البحثية، بالرغم من تباين التخصص بينهما. تفاوت، بين الأدب والقانون، ما كان ليقف حاجزا أمام المواكبة الدقيقة لكل ما يصدر عن الجراري، فهي بحكم ثقافتها وتمكنها من اللغة والتعبير تعدّ قارئته الأولى. وبين هذه المهمة أو تلك، يبرز جهدها في الاهتمام بالنادي الجراري والحرص على إنجاحه واستمراره، من خلال الترتيب الدقيق والتنظيم المحكم لاجتماعاته الأسبوعية بعد عصر كل جمعة. وهي بذلك، ترسم صورة مشرقة عن المرأة المغربية، في حبّها وتفانيها وولعها بالثقافة والأدب.

يقول الجراري: "لولا ما ذكرت من صبر وثبات، ما كان يكتب لنا أن نستحضر اليوم مرور ستين عاما لم تكن خالية من مشاكل كان يمكن أن تعصف بهذه الأسرة وما رزقنا الله فيها من نعم واستمرار لهذه النعم." (ص150)

عن الحضور والامتداد

حين ينتقل الجراري للحديث عن حصيلته العلمية في مجال الفكر والأدب يتوخى عرضها وفق تسلسلها الزمني، ضمانا لتمثل قرائي أفضل. فمسار الكاتب، بحكم تقلّب الزمان وتنوّع التكوين، عرف تطورات ملحوظة تنم عن يقظة ودينامية. تلك الحصيلة تضمنت متنا واسعا ومتنوعا، تمثل في ما أنجَز من دراسات وحرَّر من مقالات وأنشَأ من خُطب ونظَم من أشعار. ومن ثمة، كان الانتقال من الحديث عن النشأة وامتداداتها إلى الكتابة وتداعياتها معبرا للاقتراب من سيرة الجراري الشخصية والعلمية.

وإذا ارتسم السؤال: لماذا استُعرِضت هذه القائمة الطويلة من البحوث والمقالات والعروض المنجزة، جاوزت المئة، وما الفائدة من وراء ذلك؟ (ص151-162) فإن الجواب، لا شكّ، يرتبط بطبيعة السيرة وما تقتضيه أعرافُها من واقعيّة وموضوعيّة. فالكاتب، تنقّل بين الفكر والتاريخ والجمْع والتدوين والتحقيق والدراسة الأدبية، وبين التراث الشفاهي والثقافة الشعبية. وهو المنحى الذي اختاره، ودافع عنه باستماتة، خلال مساره العلمي والتكويني. وصلة بعالم الكتابة، خصّ الكاتب عددا من المؤلفات بلغت أكثر من مائة وأربعين تقديما، شكلت متنا واسعا يمكن للباحث من خلاله أن يتبيّن موقفه وآراءه إزاء الأدب المغربي، في بعديه المدرسي والشعبي. أما إشرافه على البحوث والأطاريح الجامعية فكثيرة ومتنوعة تنم عن خبرة ودراية واسعتين.

تبعا لهذا الحضور المُشرّف، كمّا وكيْفا، في مجال البحث والكتابة، لم يكن عجيبا، بالنظر إلى قيمة تلك الأعمال المنشورة، التي اشتغلت على أكثر من واجهة، أن يعتني الباحثون بها وينجزوا حولها العديد من المقالات والدراسات تنظر في مادتها ومنهج صاحبها. وهي مصاحبات تفاوتت بتفاوت المقاربات وتباينت بتباين الموضوعات، لعل العودة إلى التفصيل فيها موضوع بحث مستقل.

والواقع أن الكاتب ظل حريصا، وهو يعرض لبعض تفاصيل سيرته الموجزة، على تثمين كل المراحل التي مرّ بها ومرت به، من خلال العمل على توثيقها تاريخيا، بما يجعلها مرجعا للأجيال اللاحقة وشاهد عصر على سيرة خصيبة ومتجددة. فالسيرة راهنت على استدعاء الماضي البعيد عبر التمثُّل الذهني، وفق ما تتيحه لحظة الاسترجاع. والواقع أن امتلاء الذاكرة وتعدّد صورها من شأنه أن يربك عملية التذكر، بفعل السن والنسيان وجدوى المحْكِيّ. لذلك يجد الكاتب نفسه، لحظة التعبير والاستعادة مدعوا إلى التنسيق والتقسيم والتقديم والتأخير أو مدفوعا إلى الاستطراد أو الاقتصار. ولا تسْلَمُ سيرة من هذه الاختيارات، لضمان وصول سليم إلى جمهور القراء.

لقد اقتضى أمر الكتابة، بالنظر إلى رحابة السيرة وامتدادها في الزمان والمكان، أن ينهج الجراري أسلوبا يحضر فيه الانتقاء البيّن للمواقف والأحداث والتهذيب الظاهر لصيغ التعبير وطرائق السرد. فضمير المتكلم كان حاضرا بقوة، فيما الزمن تراوح بين الماضي والحاضر. يمكن أن نحيل إلى بعض هذه العبارات التي ارتبطت ببداية الفقرات أو وسطها، من قبيل:

·       سبق لي في كتابي...

·       ذكرت في الفصل السابق...

·       وإني لأذكر جيدا...

·       لا أنسى... ولست أنسى...

·       والحق أني وجدت بُغيتي...

·       وبالتحديد أيام...

·       أعود بعد هذا الاستطراد...

·       وذلك ما سأتناول تفاصيله...

·       ولا أريد أن أختم هذا الفصل...

إلى غير ذلك من العبارات، مما تحضر فيه الذاكرة مستجيبة لنداء اللحظة الراهنة، بكل حمولتها التاريخية والثقافية.   

عن المنهج والرؤية

يلخص الكاتب، في أحد المباحث من هذه السيرة الموجزة، تعريفه للمنهج "باعتباره منظومة متكاملة تبدأ بالوعي والرؤيا المشكلين لروح المنهج وكنهه اللامرئي، بما فيه الهدف المتوخى منه، وتنتهي بالعناصر اللازمة لتحقيق تلك الرؤيا وذلك الوعي، من خلال الكشف والفحص والدرس والتحليل والبرهنة للإثبات أو النفي." (ص163) وهو تعريف مهّد به للحديث عن رؤيته الثقافية التي تبناها في دراسة الأدب. ذلك أن رحابة هذا الأدب وشسوع مواطنه استلزم، في تصوره، أن ينطلق من فكرة تقوم على الدراسة الإقليمية "كمرحلة أولى لجمع شتات ما أنتجه العرب في مختلف الأقطار، متصلا بذلكم الأدب والفكر وما خلفه من تراث." (ص163). لذلك كان الاهتمام بالأدب المغربي، بكل حمولاته الثقافية وتمظهراته المغربية، مدخلا رئيسا لترسيخ أصول هذا الأدب.

غير أن اعتماد الإقليمية إطارا واختيارا، تطلب من الكاتب بيان القصد وتحديده، فكان أن وضح سر هذا الانحياز في قوله: "وأؤكد أنني حين أقول الإقليمية وتأثير البيئة في الأديب لا أنسى الشخصية الذاتية والموهبة الفردية. ولا أعني تضييق الأفق والانحصار في إطار المحلية، ولكني أعتبرها الوسيلة الوحيدة للم شتات الأدب العربي في كل الأقطار التي أبدعته، والوسيلة كذلك للعالمية والإنسانية، بل إني أرى أنه كلما قسم نطاق الإقليم في الدراسة إلى بيئات صغيرة، كانت دراسة الإقليم مكتملة ومستوفاة."[4]

ولأن مجال التراث المغربي، يتوزع إلى صنفين ملتحمين، أحدهما مدرسي والثاني شعبي؛ فإن الدراسة، لدى الجراري، لا تستقيم إلا بالاهتمام العادل بين الصنفين. فهما يشكلان وجهين لعملة ثقافية واحدة. ولعل إحالة الكاتب إلى كتابه المرجعي (خطاب المنهج) وإلى باقي كتبه التحليلية في المجال، يؤكد مدى التزامه بهذا المنهج. تقول نجاة المريني في دراسة عن هذا الكتاب: "غني بمعلوماته وأفكاره في تناول قضية المنهج التي استعصى البحث فيها، وفي علاقة هذا المنهج بالفكر العربي الإسلامي وبالتراث الأدبي المغربي، متقصيا الإجابة عن الأسئلة الشائكة التي يطرحها الموضوع في دقة ووضوح لتقريب الموضوع من الأذهان، وتلك خاصية يتميز بها الأستاذ الجراري في محاضراته الجامعية وفي الندوات وفي مؤلفاته وكتاباته."[5]

أما عن رؤيته الثقافية فقد تمثلها نشاطا إنسانيا "يحرك الوجود في تفاعل يفضي إلى التنوع والتعدد، وإلى التباين والاختلاف وفق معطيات، بيئية وفكرية ونفسية وحتى جسمية، هي التي تتيح إنشاء ثقافة بخصوصيات معينة قد تلتقي مع غيرها، في تكامل يتحقق معه التماثل والوحدة." (ص165)

بهذا الأفق الفكري والمنهجي دعا الجراري إلى تكوين ثقافة وطنية فاعلة تستند في إجرائيتها إلى ثروة ثقافية تقاوم التخلف وتواجه تحديات العصر. ومن ثمة، يمكن اعتبار مشروعه العلمي والتربوي، انطلاقا مما خلّفه من دراسات متعددة ومتنوعة، خلال مساره الأكاديمي الطويل، إحدى المحطات البارزة في معالجة التراث الأدبي المغربي "حركتها دوافع الوطنية والهوية المغربية، حينا، ووجهتها رغبة بيداغوجية في سد الفراغات ونفض الغبار عن كنوز وأسرار هذا الأدب، حينا آخر، دونما إغفال ما كان للحضور الذاتي والشخصي، من أهمية بالغة، في كل هذا."[6]

  رحيق القول

يمكن اعتبار (رحيق العمر) لعباس الجراري، بوصفه سيرة ذاتية، انعطافا نوعيا في مسار الكتابة لديه. فقد ألِفَه القارئ، في جل أعماله، باحثا وناقدا ومؤرخا ومحققا ودارسا للأدب المغربي، وفق مشروع ينتصر للهوية المغربية بالأساس. وها هو الآن، في كتابة تصدر عن الذات، بما تعكسه من حميمية ورغبة في البوح والتعبير. إنه، بهذا المعنى، كتاب جدير بالقراءة والتأمل، استنادا إلى ما شمله من إحالات تاريخية وأدبية وثقافية وغيرها، إضافة إلى ما تخلّله من مشاعر مودة وتقدير لأسرته وأساتذته وطلبته. يكفي أن نستحضر هنا، جزءا من كلمةٍ له، في إحدى المناسبات التكريمية، مفادُها أنه كلما قرأ بحثا لأحد طلابه أو كتابا أو مقالا أو أية مشاركة من المشاركات الثقافية، يكون سعيدا ومغتبطا. وهو ما يتردد أيضا في سائر محاضراته أو تكويناته. [7]

رحيق العمر، سنوات تفصل الذات الكاتبة، وعيا وممارسة، عن علاقتها الأولى بعالم الكتابة، مثلما تفصلها عن عالم الوظيفة، تواصلا وانقطاعا. هي سنوات، ارتأى مؤلفها أن يختزل جزءها الأول في ما قلّ ودلّ، بتعبير الجاحظ، ومع ذلك يظل هذا القليلُ من كثيرٍ، ذا أهمية بالغة.

صفوة القول، إن سيرة عباس الجراري في كتاب (رحيق العمر)، لهي بحق مسار حافل بالعطاء الأدبي والإنساني ونموذج حيّ من نماذج النبوغ المغربي.



[1] - عباس الجراري. رحيق العمر موجز من سيرتي الذاتية. ج1. منشورات النادي الجراري. 2020

[2] - عباس الجراري. الزجل في المغرب القصيدة. مطبعة الأمنية الرباط 1970.

[3] - سي محمد أملح. عباس الجراري طفولة قلم. جمع وإعداد وتقديم. منشورات النادي الجراري. الرباط 2020

[4] - عباس الجراري. الأدب المغربي من خلال ظواهره وقضاياه. مكتبة المعارف. الرباط. ط2. 1979. ص8

[5] - نجاة المريني. عباس الجراري سيرة وأعمال. مكتبة النجاح الجديدة. الرباط. 1999. ص127

[6] - أحمد زنيبر. الهوية الوطنية في التراث الأدبي بالمغرب (ص81-88). ضمن كتاب جماعي "الهوية بين التراث واللغة" تنسيق المصطفى حسوني. منشورات كلية الآداب المحمدية. الدار البيضاء. 2012. ص88

[7] - أذكر، هنا بالمناسبة، ما صدر عنه من توجيه وتنويه بليغين، يوم تيسّر لي المشاركة في إحدى الدورات التكوينية في المنهجية بمراكش، سنة 1998، شكلت لي خير حافز لتطوير أطروحتي لنيل الدكتوراه في موضوع: ظاهرة المعارضة في الشعر المغربي. 

 +/ نشر المقال ضمن كتاب جماعي بعنوان" "للرحيق شميم وشمم مقاربات للسيرة الذاتية (رحيق العمر) للأستاذ عباس الجراري تنسيق وتقديم محمد احميدة منشورات النادي الجراري 2021

تعديل المشاركة
author-img

أحـمـد زنـيـبـر

أكاديمي وناقد أدبي، أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين. رئيس فريق البحث "الخطاب البيداغوجي ورهاناته اللغوية والجمالية". عضو اتحاد كتاب المغرب وناشط جمعوي. له مؤلفات فردية وجماعية...
تعليقات
تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بوركت أخي الفاضل وبارك الله في علمك وعملك وفي ذريتك وأهلك ومزيدا من العطاء والتألق،
    لم أقرأ الكتاب بعد، ولكن المقال أفادني كثيرا ، وبقي سؤال الشعر مطروحا، ألم يبدع العلامة سيدي عباس الجيراري شعرا؟
    وقد قرأت له منذ سنوات خلت قصيدة شعرية نشرها بإحدى الجرائد الوطنية عنوانها: أحقا مات حبي؟
    هذا إذا لم تخني الذاكرة

    ردحذف
  2. بلى، للأستاذ عباس أيضا نصيب وافر في قرض الشعر... وقد جمع بعضه الأستاذ احميدة ضمن منشورات الجراري.

    ردحذف

إرسال تعليق