1
كُلّما غابَتْ شَمْسُ البَهاء
فاضَ البَحْرُ
وَحَلّتْ أسرابُ العَلاماتِ
تُحْصي المَدى
قَطْرًا
بَيْنَ مَدٍّ وجَزْر.
يا لِهذا الطّيْفِ
حينَ عادَني الحَنينُ
إِلَيْهِ،
وَرَقَّتْ أنْسامُهُ
احْتَرقَتْ يَدُ الرّيح.
يا نجْمًا
يَسَعُ السّماءَ
ضاقتْ بالسُّؤالِ المَنافِذُ
وجَرّتْ أذْيالَها المَساءات.
وَذاكَ الفُؤادُ المَلاذُ
حينَ ارتدَّ
إلى أقْصى الرّوحِ،
أطاحَ الغَمامُ بالظّـلال.
والخَطْوُ، ذاكَ الخَطْوُ
انْسَلّتْ أخْبارُهُ
مِثْل ذَرّةٍ في الغِرْبالْ.
سِتّونَ عامًا
بيْنَ حَديثٍ ومَسيرٍ
دارَتِ العَقارِبُ
بحْثًا عنِ المَعْطوب
في الوِجْدان.
وَظَلَّ البابُ مُوارَبا
لِقَصيدَةٍ غَجَرِيّةٍ
تَضُخُّ المَعْنى شَفيفًا
في لوْحٍ مَحْفوظٍ
وتَنْضَحُ بالألْوانْ.
4
يا وَرْدَةً تَحِنُّ لِلعِطْرِ
دَقّتْ أجْراسٌ وطُبولْ
ومِياهٌ جَرَتْ تحْتَ الجِسْرِ
مِثْل أنْغامٍ عَلى جَنباتِ السّيْرِ
هَيّجَتْ لِسانَ العاشقينْ.
ها قَدْ نَوَّرَ الرّيحانُ
بِحِبْرٍ عَلى بَياضٍ
وَراحَ يَدْنو مِنْ نَبْعِهِ
هَذا العاثِرُ في الخُطواتْ
يُصْغي لِلطّيْرِ في مَلَكوتِهِ
ويُخْفي سِرَّهُ عن الأغْصان.
5
سِتّونَ عامًا عَبَرَتْ
مِثْل البَرْقِ
قِصَصًا وحَكايا
عَنِ الحُبِّ وعَدْوى الجُنون
عنْ رَبيعٍ ثائِرٍ في الشّوارِع
بَيْنَ صَدى الأحْياءِ في المَقابِر
ورعْشَةٍ في صَلاةِ الغائِب،
عن طُفولَةٍ بِلا قَمْحٍ
وَأحْلامٍ بِلا قَمَرْ .
فمن يمسكُ دَمْعةَ الماءِ
إذا انهَمَرْ؟
6
كَمْ يُذْهِلُني
صَمْتُ الأطْيارِ
وصَوْتُ الأمْطارِ
يُدَغْدِغُ سَمْعَ الأحْلامْ.
يا خَليلي، خَفّفِ الوطْءَ
لِمَنْ تَرَكْتَ الأزْهارَ
مُحَمّلةً بالأسْرار؟
آهِ، لَوْلا تَطاوُلُ النّخْلِ
ما قاوَمَ الجَسَدُ
بِعَكْسِ الماءِ
عُنْفَ الغُبار؟
7
ها سَفينَةُ العُمْرِ
حينَ الْتَحَمَتْ بِالمَوْجِ
لَمْ تَأبَهْ بالجَليد
وَلا بِالسّرابِ المُمْتَدِّ
في البَعيد.
هاجَ الذّكْرُ بالمَقاماتِ
وَباحَ الصّدْرُ بِما في الأعْماقْ
وَها إنِّي مَنْدورٌ للنّسْيانْ
فَمَنْ يُخْبِرُ الماءَ عَنّي
كُلّما شَقَقْتُ صَدْرَ الأرْضِ
وارْتَمَيْتُ في الآفاقْ.
زِحافاتُ الخليلِ
مَزّقَتْ أوَتَارَ البُحورِ
والفُصول،
فَلا لُغَةٌ وَلا صُوَرُ.
لكَ الحمدُ
يا ربّي،
حينَ الطّيْفُ راقْ
صارَ اليُتْمُ رَفيقَ دَرْبي
وَما ذَنْبي
سِوى أنّي
مُتْعَبٌ بِالحَياة.
بالتوفيق و السداد داءما و ابدا
ردحذف(مديحة بلحاج)
نص جميل يكتنز لغة شعرية حمالة رؤيا تنوس بين الذات والآخر...
ردحذفتقديري.. ابراهيم قهوايجي
انقذف النص شلالا أو نهرا جارفا، يذكرنا بأصل كل من عليها "الماء" لرصد مرور السنون بحلوها ومرها.
ردحذفولعل تعلق الشاعر بالماء من وحي الرقراق "أطياف مائية"
عمرا مديدا في صخة وهناء.