U3F1ZWV6ZTkyMzU4Njc2MzA1NjBfRnJlZTU4MjY3ODM5MzQ1ODI=

الرواية المغربية والنص المتعدد

 مقال ضمن كتاب جماعي بعنوان: "آليات تحليل الخطاب" (ص83-93)


تمهيد: 
تشهد الرواية المغربية في الآونة الأخيرة انتعاشا ملحوظا، إذ تحضر في الساحة الأدبية بشكل بارز، إن على مستوى النشر وما يرافقها من لقاءات أدبية أو على مستوى الجوائز المُغرية التي تخصص لها في مناسبات معلومة. ولأن الرواية عالم منفتح على مختلف الأجناس التعبيرية حيث تمنح كاتبها إمكانيات كبيرة للتعبير والتفصيل في المحكي الروائي؛ فإن الانكباب عليها اليوم غدا أمرا مبررا، لا سيما وأن عددا من الشعراء والمؤرخين حولوا قبلتهم إليها وأبانوا عن مقدرة تعبيرية وتخيلية. ومن ثمة تتقاطع الرواية مع القصة والسيرة والشعر والتاريخ والتشكيل والسينما وغيرها. ولعله الأمر الذي يجعل الحديث عن مفهوم النقاء الأدبي يبدو متعذرا في هذا السياق.

مــدخــل: استطاعت الرواية المغربية، في الآونة الأخيرة، تحقيق انتشار واسع تجلّت معالمه في توالي الإصدارات وما صاحبها من متابعات نقدية تفاوتت تحليلا ومنهجا. وقد تحكمت في هذا الذيوع جملة أسباب، موضوعية ورمزية، منها وفرة الطرائق التعبيرية، التي يقترحها هذا الجنس الأدبي، سردا ووصفا ورسالة، ومنها أيضا جملة الخصائص الفنية والأسلوبية، التي يختزلها كعناصر بنائية داعمة له، لغة ومعجما ودلالة.

ومما لاشك فيه أن الروائي وهو يعيد صياغة الوقائع من خلال شخوصه وأحداثه يفتح أمامنا آفاقا مشرعة على الاحتمال والتأويل لمجريات الحكاية. فالذات والهوية والحرية والوطن والحياة والموت والقضاء والقدر وغيرها، كانت من أهم المرتكزات الموضوعاتية البانية للمعنى والدلالة؛ أما اللغة والذاكرة والخيال فشكلت وسائط تعبيرية يستند إليها الكاتب خلال عملية الكتابة. وبين هذا وذاك، يحضر التناص والحوار وغيرهما عبر استدعاء باقي الأجناس من قبيل التاريخ والسيرة والشعر والرسائل والمحكيات.

هذا التداخل الأجناسي داخل العمل الروائي يجسد، بصورة أو بأخرى، نوعا من إيقاعية الحياة ودينامية الأحداث في ارتباطها بالفرد من جهة وبالجماعة من جهة ثانية.  كما يؤكد استحالة وجود نص لا يخلو من تداخلات نصية أخرى، أو ينطلق كاتبه من فراغ. فالرواية، تبعا لهذا المعنى "تتميز عن بقية الأجناس بمرونة بنيتها الحكائية، وانفتاحها المتواصل على كل الخطابات، وانسياقها المستمر وراء استراتيجيات التجريب"[1] فالروائي إذ يستحضر الشعر مثلا أثناء الكتابة فلغاية جمالية تقوم على الغنائية والتصوير وتكثيف المشاهد. وإذ يستحضر السيرة، في بعدها الغيري أو التخييلي، فبغاية خلق حوارية نصية بين الحاضر والماضي. ومن ثمة تتألق الحوارية استنادا إلى ما اعتبره باختين من أن كل شيء في الرواية ينتهي إلى الحوار، وأن "الصوت الواحد لا ينهي شيئا، ولا يحل شيئا، صوتان هما الحد الأدنى للكينونة."[2]

ومن ثمة، تنتصب جملة من الأسئلة العالقة، منها على سبيل المثال لا الحصر: ما الحاجة إلى التوسل بالأجناس التعبيرية الأخرى في كتابة الرواية؟ وإلى أي حد يستفيد الروائي من هذا المزيج متعدد الأبعاد؟ وكيف ينتقل الروائي من النص إلى الخطاب؟ وبالتالي ما الخصوصية الفنية التي تميز هذه الرواية عن تلك، انطلاقا من هذا التداخل الأجناسي والتخصيب النصي؟ وغيرها مما تروم المداخلة الإجابة عنها من خلال دراسة تحليلية لبعض التجارب الروائية، التي اختار أصحابها الانفتاح على مختلف الأنواع التعبيرية إغناء للعمل الفني. وهم، بذلك، يرومون استجلاء البعد الجمالي أثناء فعل الكتابة. 

1-               الرواية والمحكي السيري في "أن أكون" لوفاء مليح

تتداخل رواية "أن أكون" مع جنس السيرة الغيرية. وهي كتابة اختارت التعريف  بإحدى الشخصيات النسائية وتتبع  مسارها التاريخي، عبر استعراض مواقفها ونضالاتها المختلفة على المستوى الثقافي والاجتماعي والسياسي. ولعل اختيار الكاتبة لشخصية سعيدة المنبهي نموذجا للسيرة الغيرية، يعود إلى قناعات ذاتية، تجسد انتماءها إلى مرحلة عصيبة من تاريخ المغرب السياسي (فترة السبعينيات من القرن الماضي).  

وهكذا، استجابة لرغبة وفاء مليح في اقتحام عالم السيرة، تختار سعيدة المنبهي صوتا نسائيا انتصر للحرية وجعل منها رمزا علق بذاكرة المغاربة، وحضرت في كتابات الأدباء والشعراء من ذلك ما وصفها به الشاعر المغربي عبد الله زريقة، ذات مرة، ب"المرأة التي أحبت الضوء".

اللافت للانتباه ونحن نقرأ هذه الرواية السير-غيرية، توظيف الكاتبة لضمير المتكلم (أنا) على غير المتعارف عليه في كتابة السير الغيرية، حيث استعمال ضمير الغائب (هو/هي). وفي ذلك إشارة قوية إلى بعض التماهي الحاصل بين المؤلفة، باعتبارها ذاتا كاتبة وبين المتحدث عنها باعتبارها شخصية منتخَبة.

تفتتح وفاء مليح روايتها بنص شعري لسعيدة المنبهي تقول فيه: (ص5)

"في بيتنا أتذكر

كنا نستنشق المستقبل الآتي

نحلم به

نناضل من أجله

قاوم. واصل المعركة

قاوم إلى الأبد

لأجل الفلاح والعامل

لأجل حب الوطن"

يمكن اعتبار هذا النص، عتبة أساسية للرواية بالإضافة إلى العنوان "أن أكون". ثم تشرع، بعد ذلك، في عرض رحلة المنبهي التاريخية، بوصفها رحلة تعج بالمحكي وبالأسئلة الكبرى، في زمن متحول باستمرار، استقت معلوماته بعناية فائقة، جمعت فيه بين الواقعي والتخيلي، لصالح إغناء النص السردي.

وتبعا لمعايير السيرة الغيرية، تقترح الكاتبة بناء سرديا يضم إحدى وعشرين محطة تشمل كل واحدة منها بعض التفاصيل والمعلومات التي تنسجم والسياق الزمني والمكاني للنص، كما تحمل كل واحدة منها عنوانا دالا من قبيل: تحت الرماد، ضوء ومدينة، نشيد الحماسة، العصيان، هوى فاسد، نخب الوطن، شرارة الكلمة، المحاكمة، أرض المنافي، شهقة الموت ورعشة الضوء، وغيرها. وهي محطات تفاوت حجمها بتفاوت الموضوع وطبيعة المرحلة، نعيش خلالها لحظات إنسانية في صراعها مع الواقع والأحداث وما صدر عنها من مواقف وردود أفعال.

تنطلق أحداث الرواية من غرفة الإنعاش حيث ترقد بطلة السيرة سعيدة المنبهي، في حالة غيبوبة تُفقدها الصلة بالعالم الخارجي. غير أن هذه الغيبوبة سيتم تحويلها إبداعيا إلى لحظة حية، حين تستدعي الكاتبة مكون الذاكرة فيستيقظ ما (تحت الرماد) وتتراءى في الصورة "امرأة الجنون والعنفوان. هاربة وراكضة إلى وديان الخلاص. تجري ويجري معها الحلم. يرافقها ويلهم قوتها." (ص12)

داخل هذه الغيبوبة، وعلى طول الرواية، سنسافر في الماضي عبر الذاكرة المستعادة، إلى عوالم سعيدة المنبهي حيث البداية والنشأة والصداقات وفرحة النجاح الأولى بالحصول على البكالوريا، تقول: "أودع الصديقات ثم أنطلق قاصدة البيت. أعبر شارعا تلو آخر. زقاقا تلو غيره. رغبتي شديدة في معانقة كل من أراه أمامي. أنظر في وجود المارة. نظراتي تدعوهم إلى مشاركة فرحتي. نشوتي بالنجاح. في لحظة فرح." (ص16). ومع لحظة النجاح الأولى، يبدأ الحلم بالمستقبل والمضي نحو الآتي من المصير المجهول، وتحضر القراءة، باعتبارها معبرا للامتلاء.

وهنا ستحيلنا الرواية في استنادها على السيرة الغيرية إلى الخلفية المعرفية والإيديولوجية التي تشبعت بها سعيدة المنبهي في تلك الفترة، حيث المد الاشتراكي ومؤلفات كارل ماركس وليلين وثورات كل من تشي كيفارا وماوتسي تونغ وفيديل كاسترو، وما إليها من أحداث مصاحبة تطرح أكثر من سؤال حول الهوية والمصير والعدالة الاجتماعية. وفي هذا المنحى السردي، ستستعين الكاتبة بعدد من الوثائق والشهادات والحوارات والإبداعات التي تؤرخ للشخصية وللمرحلة.

هذه المرحلة، بحسب الرواية، تمثل علامة مضيئة في مسار المنبهي تقودها مغامرة الاكتشاف، اكتشاف الحياة واكتشاف الجمال في عمقها. ولأن دور الأسرة في هذا المخاض الفكري الذي عاشته المنبهي كان أساسيا، لم تغفل الكاتبة الإشارة إليه خاصة في علاقتها بأخيها الأكبر عبد العزيز وأختها خديجة وزوجها، وما لقيته منهم من دعم وتحفيز.

وعبر هذه القراءات في كتب الفكر والأدب والتاريخ وما صاحبها من مناقشات عائلية، تتغذى شخصية المنبهي وتكبر في عينها بعض صور المرأة المغربية، حين تمتلك قوة الشخصية والإرادة. ولعلها بداية المنبهي الأولى في تقدير الأحداث والشخوص. تقول: "لا أدري.. حين نتجول في أزقة مراكش العتيقة يعود ذهني إلى زمن زينب النفزاوية ملكة مراكش وزوجة يوسف بن تاشفين. زينب المرأة القوية. الحكيمة. ذات ثقافة عالية. كان لها الفضل في تأسيس مراكش في هذه الرقعة من المغرب." (ص22).

وبهذه المعلومة التاريخية، ستنفتح الرواية على شخصية تنتصر للحرية وتناضل في الخفاء كما في العلن. امرأة تثبت أنها قادرة على تحمل المسؤولية والدلو بدلوها في قضايا السياسة والمجتمع. وبعبارة مانعة جامعة بلغة أهل المنطق "أن تكون.."، حيث النتيجة المتحققة تبلور نسقا روائيا يمتح من المتخيل السير-غيري باعتماد سنادات غير سردية أحيانا، لكنها، بلغة جورْج مايْ، قد تبتعد قدر الإمكان عن الحقيقة ولو بامتلاك أقوى ذاكرة في الدنيا.[3]

2-               الرواية والمحكي التاريخي في رواية "الحواميم" لعبد الإله بن عرفة

تحضر تجربة الأديب عبد الإله بن عرفة، من خلال إصدارات راهنت على نوع جديد من الكتابة ارتبطت بالأحرف القرآنية وبالتاريخ العربي الإسلامي. وهو المنزع الروائي الذي شغل فكر ابن عرفة وشكل مادة لمشروعه الأدبي. ولعل في رواية "الحواميم" ما يعكس طبيعة الاشتغال التاريخي والإبداعي، فقد رام التوثيق لمرحلة ارتبطت بمسار المسلمين العرب بالأندلس وما تعرضوا له، بعد سقوط غرناطة، من تنكيل وتعنيف وتهجير. وهي عناية أملتها غيرة عربية ووطنية.

وهو ما يعني، بعبارة أخرى أن الكتابة الروائية، في معظمها، تبحث عن امتدادها الذي يستدعي قراءة متبصرة "ترفق باستحضار واع لخلفية النص الغائب السابق"[4] وليس القصد بالنص الغائب البعيد عن أجواء النص الروائي الحالي، وإنما المؤشرات التي يخلقها سياق الحكي ويلمع إلى أحداث ونصوص بعينها كما تبدى في الرواية التي نحن بصددها.

تفتتح الرواية بإهداء جاء فيه: "إلى أمة الأندلس في الحواميم في صراعها بين الحاء والميم، حاء الحياة وميم الموت، حاء الحضور وميم المعنى. إلى أرواح جميع شهداء الحرية والكرامة للأرض التي أعطوها أفضل ما لديهم وأعطتهم أسوا ما لديها." (ص5). وهو إهداء يحمل أكثر من دلالة تروم رد الاعتبار إلى فئة مجتمعية شكلت نواة الحضارة الأندلسية. 

ولأن الكاتب ينبش في ماض منسيّ ومغيّب، ارتبط بتشريد وطرد المسلمين من الأندلس؛ فقد اقتراح نصا روائيا يعيد تصوير ما جرى من وقائع وأحداث، يمثل بالنسبة إليه حافزا أدبيا وقانونيا وفلسفيا وأخلاقيا أيضا، لوضع اليد على من كانوا سببا في تنامي الجرح العربي هناك. ولهذه الغاية تم تقسيم العمل إلى سبعة ألوية، كل لواء اختزل جانبا من تاريخ الحكاية. يقول ابن عرفة: "رأينا أن القارئ المتبصر المتأول يجب أن يكون حاضرا لأنه لا وجود لشيء مضى. فإدلاؤه بشهادة الحضور يعني أنه يفتح إمكانية المستقبل الكامنة في كل ماض. وهذا الفهم العميق هو الذي يجعل منه مسؤولا عن الماضي وعن الإمكانيات المستقبلية الواردة فيه." (ص13).

لقد اشتغل الكاتب، استنادا إلى جدل الحضور والغياب، على فترة تاريخية ترصد أوضاع المورسكيين وهم يتعرضون للتهجير القسري من قبل الإسبان، في محاولة منه لملامسة عمق المفارقة التي انبثقت عن هذا الحدث التاريخي. ولعله كان يدرك أن وراء هذا الماضي معنى لا يتكشف بغير معنى الحضور الذي ألمح إليه في بيانه. فلماذا تعود الرواية لإحياء حدث تاريخي قديم؟ وكيف تترجم روائيا؟

تستدعي الرواية مرحلة تاريخية تبتدئ من سقوط مملكة غرناطة سنة 1492 وتنتهي بطرد الموريسكيين سنة 1614. وحتى لا تظل الرواية تاريخا بالمعنى الحرفي للتاريخ، يبتدع الكاتب قصة تروي فداحة الرعب الذي خلفه قرار ترحيل وتنصير المسلمين والزج بمن بقي منهم بالأندلس. يتعلق الأمر بأسرة عربية من الأسر التي استنكرت القرار الإسباني، واعتبرت ذلك ضربا لانتمائها الوجودي والمكاني ونكرانا لإسهامها التاريخي والحضاري. أسرة تدعى بنو معن عمد كبيرها إلى الدفع بابنه الأكبر محمد وأسرته للجوء إلى المغرب طلبا للنجاة، فيما هو ظل متمسكا بالأرض عملا بوصية "جدهم السلطان يعقوب المنصور الموحدي التي تركها وهو على فراش الموت حيث استوصى بأهل الأندلس خيرا وسماهم بالأيتام." (ص22). 

ومع استمرار ملوك إسبانيا في التضييق على المسلمين بشتى الأنواع والوسائل سيلجأ فقهاء المدينة من المسلمين إلى وضع خطط للمواجهة والمقاومة. غير أن النزعة التعصبية وحملة البابا فيليب الثاني 1567 لتنصير الجميع، سيضاعف من معاناة القوم. يقول الكاتب على لسان السارد: "ووقف الفتى ينظر إلى الشاطئ يغيب عن عينيه وهو يلوح لجده بيديه والدموع تنزل من عينيه في صمت. ثم أخذته شبه رعدة وتشنج فانتفض من حزنه، ولمع وميض الشرر في عينيه ثم صاح بأعلى صوته: سأعود، أقسم أني سأعود يوما ما." (ص55/56).

ولكي يظل الكاتب وفيا  لرؤيته السردية، في توسلها بالتاريخ، لم تخل حكايته من عرض لتواريخ دقيقة كاحتلال مدينة سيرون في 1570، وذكر لأسماء وشخصيات من قبيل فيليب الثاني وأخيه لأبيه كارلوس والفارس الحبقي قائد قوات الموريسكيين وغيرهم، دون إهمال عرض أشكال التعذيب والتنكيل بجثث المسلمين وتعليق الرؤوس على أبواب المدينة ومواصلة التهجير. يقول السارد: "انتُزع جميع الأطفال دون العاشرة من أمهاتهم ووزعوا على بيوت القشتاليين تحت إشراف الكنيسة الكاثوليكية لتربية هؤلاء تربية مسيحية. ومن بين تلك الأسر الغرناطية الكبرى أسرة السي مصطفى وزوجته حليمة فقد أخذ القساوسة منهما ابنتهما الوحيدة حياة رغم توسل الوالدين ودفعهما أموالا طائلة للحاكم وجنوده." (ص61). ومع توالي عمليات الترحيل والتنصير الإجباريين، سيضعف اللسان العربي بالأندلس ويدخل كثير من المسيحيين والمسلمين على حد سواء، غياهب السجون وتدور بينهم حوارات ونقاشات تكشف الأصل المشترك بين الإسلام والمسيحية، حيث سمات العدل والتسامح.

تأسيسا على ما مضى، لم تكن عودة ابن عرفة إلى التاريخ وإعادة كتابته مجانية، على سبيل الاستعراض والذكرى؛ وإنما لفتح كوات جديدة، ما دام هذا التاريخ، برأيه، يثمر في حياتنا الراهنة، وما دام أيضا أن كتابة الرواية لا تستقيم دون الانفتاح على عوالم مختلفة تضفي على العمل قيمة جمالية مضافة.

هكذا يواصل الكاتب عرض الأحداث التاريخية، كما يتخيلها روائيا. وهو ما سيظهر بعد الإشارة إلى موت ابن معن وموت الراهب كاسيو دورو، حيث ستأخذ الرواية مسارا تاريخيا جديدا، ابتدأ مع انتهاء الثورة الأندلسية في الجنوب وما حققته الدولة السعدية من انتصارات منها معركة وادي المخازن. وهي المرحلة التي عادت فيها الأندلس إلى الإعمار والتنظيمات والهجمات. وقتها تعرض الرواية قصة (محمد) الذي سقط أسيرا في يد الإسبان إثر حملة جهادية؛ لكنه بالرغم من إطلاق سراحه، فترة تبادل الأسرى بين المسلمين والإسبان، أقسم ألا يهدأ له بال حتى يعود للانتقام لجده ولضحايا آخرين. وهكذا خلال إحدى غزواته البحرية سيتعرف محمد إلى فتاة ضمن سفينة قشتالية استطاع أن يفك أسرها.

وهنا تظهر استفادة الكاتب من التاريخ بغاية تمرير بعض الآراء والمواقف بخصوص الحدث وتجديد الدعوة إلى ترسيخ قيم التسامح والعدل والاعتراف بالآخر. آراء وأفكار تم تحيينها عبر تقنية الحوار بين محمد الشاب وبعض شخوص الرواية (الشاب الإسباني، الفتاة الأسيرة والشيخ الجنوي). وهي حوارات تحفل بالإشارات التاريخية الكثيرة منها فترة وفاة أحمد المنصور السعدي 1603، وما صاحبها من مواقف وأحداث انعكست على مختلف مناطق المغرب، ومنها فترة وفاة فيليب الثاني حينما ساءت أحوال الأندلسيين وهاجر أغلبهم إلى المغرب. يقول محمد الشاب في معرض تعقيبه على كلام الشاب الإسباني: "أعتقد أننا نحتاج في لحظات اليأس والانتكاسة والجروح لكي نذكر الناس بالشرور التي تتهددهم ونصفها لهم حتى نولد فيهم بواعث مقاومتها.. أنا اليوم محتاج إلى هذه الطاقة لأقاوم طغيان قومك الذين أخرجوني من أرضي وقتلوا قومي وأهلي." (ص148).

غير أنه بالرغم من حضور ثقل التاريخ في ثنايا الرواية؛ فإن الكاتب لم يهمل الجانب الإبداعي خاصة ما تعلق باللغة وبناء الجمل. فقد كان الكاتب حريصا على الانتقال باللغة من مجرد لغة للتواصل إلى لغة المجاز والاستعارة. فثمة معجم ثري جمع بين القرآني والبلاغي والتراثي والتاريخي والرومانسي والحربي والأنتروبولوجي. كما أن حوارات شخوصه تباينت بحسب قربها أو بعدها من الحكاية الأم وباقي الحكايات الجانبية.

3-               الرواية والمحكي اللغوي في رواية "زريعة البلاد" للحبيب الدايم ربي

تحضر الهجنة بالمفهوم الباختيني الذي يرى أن الروائي "يوظف التهجين بشكل إرادي ومقصود"[5] في هذا العمل بشكل ظاهر لغة وأسلوبا. حيث يقدم الكاتب نموذجا لحكاية متشعبة بطلها شخصية إشكالية من حيث سلوكها الملغز ومواصفاتها وألقابها المتعددة. فالمعلومات المقدمة عن هذه الشخصية، بقدر ما تبعدنا عنها جراء ما ألصق بسيرتها من صفات التغابي والتحايل والتنكر وما سواها، بقدر ما تقربنا منها عبر تزيينها بأجمل الصفات، حيث البدوية الخالصة والتشبث بالأصول والقيم النبيلة. فكيف يعرض الكاتب هذه الرواية في صلتها بالتداخل والحوارية النصية واللغوية؟ 

يبتدئ الكاتب الفصل الأول من الرواية المعنون بـ(خروب بلادي) بعبارة "يا خسارة" وينتهي بنفس العبارة، في فصلها الأخير المعنون بـ(الدنيا الغرارة). وبين الخسارتين مسار تجربة إنسانية تتجسد في شخصية محورية تدور حولها مجموعة من الوقائع والأحداث، تشكل عالما روائيا لـ"زريعة البلاد". إنها شخصية سالم السلومي، ابن البادية المغربية، الذي لم يسلم من ألسنة الناس منذ صار حديث مجالس، بعد التحاقه بالمدينة، إلى أن استسلم للموت وطواه التراب. يقول الكاتب: "تعود الحكاية، والله أعلم، إلى أربعينيات القرن الماضي حين عاد سالم السلومي، فجأة، مفلسا، عليلا وكالمخبول، من الحرب العالمية الكبرى. بعدما أشيع أنه قتل. عاد دون أن يصدق أحد عودته، ولا هو نفسه صدق. كان صدى القذائف يصك أذنيه ما يزال. لم تعد الحياة بعد الحرب تساوي لديه "روثة" ومات فيه الخوف. من ثم صار الشجعان والخوافون يهابونه على السواء. عاد معطوبا، وبلا غنائم. فالحرب لم تكن حربه، والخسائر كلها كانت من نصيبه." (ص36) وهو مقطع يشي بسيرة البطل في علاقته بالذات وبالآخر، كما ستعكس باقي الحكايات المدرجة في الرواية، منها المغرضة ومنها المضحكة، على لسان السارد تارة، وعلى لسان بعض الشخصيات المشاركة في الحدث أو المصاحبة له، تارة أخرى.

وتبعا للمكانة الإنسانية والرمزية، التي حظي بها سالم السلومي، كشخصية فاعلة في صنع الحدث داخل الرواية، فقد شدت الأنظار إلى حياته نتيجة التحول المفاجئ، الذي عرفه خلال رحلته من البادية (بلدة الشعاب) إلى المدينة (البنورية) وما رافق ذلك من تغير مس تفكيره وسلوكه. وطالما أن "اللغو بالمجان" كما يقول الكاتب (ص19) فلم تسلم سيرة الرجل من دسائس ومؤامرات، حيا وميتا، على سبيل النميمة والإشاعة أو هما معا. وخلال عرض الكاتب لبعض هذه الحكايات المتناقلة عن البطل نلحظ استغلال الكاتب لتلك الهجنة اللغوية التي تميز المجتمع المغربي في تواصلاته. وتتمثل هذه الهجنة في توظيف العامية بشكل لافت داخل الرواية اعتبارا لما تمنحه من دلالات ضمنية وصريحة في آن. يقول الكاتب: "وعاد السلومي وابنه من الرباط محملين بالذهب واللويز والمال الذي "يتحرق ما يتم". ومنذ ذلك اليوم أصيح السلومي يصول ويجول ولا يأبه بشيء ما دام قد "عصر" الناس ديال الرباط، وبالأحرى "حلاليف الغابة" كما يحلو له الزعم في حق الأهالي من البلدة." (ص17). وهكذا، عبر فصول ومقاطع الرواية، يأخذنا السارد نحو عوالم من المشاهد والوقائع والأخبار والحوارات، في ارتباطها بعوالم ومواقف الشخصيات.

ولما كانت اللغة (العامية منها والفصيحة) وعاء للحكي؛ فإن الكاتب أولاها عناية خاصة. فثمة احتفاء بمعجم متنوع ومختلف في عرض الظواهر والقضايا. معجم يزاوج بين القديم والحديث، من جهة ثانية، وآخر يحيل إلى عالميْ البداوة والحضارة، من جهة ثانية. يقول الكاتب: "وكما أراد الرواة فقد أتى، هو الأسد الغضنفر، ذلك الخريف كسيرا جاثيا، مروضا، خنوعا، إلى المدينة. ارتكن ارتكان علوش وديع يسلم عنقه للقصاب. كأنه ما كان أسدا يوما، وما كانت له صولة. اقتيد، كما زعموا، تحت سدل الديجور، في صمت مشوب بمهانة. لتشهد تخوم الشعاب الشرقية أفراحا أقامها الخصوم بالمناسبة... وفي الليل سكن الأزواج إلى زوجاتهم بزهو أصحاب الشلاغم المعصفرة. دردكوا بلا رقيب ولا محتسب، وحبكوا الحكايات المطرزة بالبطولات والأوهام." (ص32-33).

إن ارتكاز الكاتب على ملفوظ اجتماعي يرتبط بالمكان والزمان وتحولات الإنسان لدليل على ارتباط النص الروائي "زريعة البلاد" بسياقه وثقافته، من حيث إن اللغة، في تصويرها لهذا الواقع، الحلو/المر، تقدم صورا تقريبية عن أنواع الصراع الحاصل بين الأفراد والجماعات وما ينشأ عنه من مواقف وحالات. فلغة الرواية تعكس طبائع القوم ثقافيا وذهنيا واجتماعيا، كما أرادها الكاتب، فاضحة وجارحة في جرأتها ونقدها وفي بوحها ونفاذها إلى الأعماق. إنها لغة تغترف من عدة مشارب ثائرة على وضعيات وسلط جاثمة على الأنفاس، منها سلطة الكتابة واللغة ذاتها. ومن هنا، كانت الرواية تعرية للواقع المغربي، في طابعيه البدوي والحضري معا، ورصدا تأمليا لظواهره وإفرازاتها، وبالتالي جهدا فنيا يمنح عالم الحكاية والأشياء معنى جديدا وقراءة منفتحة على الممكن واللاممكن أيضا. يقول الكاتب: "بنات الشعاب كلهن، رغم العوز، موردات خدود. يأتي الجفاف ولا ينقطع الغرس، يحصد الموت الصغير والكبير، اليابس والأخضر وتظل البلدة ناغلة. وحدها أم التاقي كانت غريبة وما أنجبت غير ثلاثة بطون. أما نسوة بلدة الشعاب فولادات: زريعة البلاد. فقلما ترى هناك امرأة لا تجر وراءها "سرسوبا" من الأطفال وهي ما تزال بعد طفلة." (ص86).

تحيل الرواية، من خلال خطابها المرجعي المتشعب إلى نمط مجتمعي تولد عن الفترة الممتدة من الأربعينيات من القرن الماضي إلى حدود السبعينيات، حيث الهجرة من القرية إلى المدينة بحثا عن الذات وطمعا في الارتقاء. ومن ثمة، يعرج الكاتب على بعض المعيقات والإكراهات، التي ثبطت العزائم وأرهقت تفكير أصحابها، مثل شخصية(العيدي) الابن الأكبر للسلومي، الذي "سيختفي في ظروف محيرة" (ص89) ثم يظهر ليختفي من جديد، مثل ثعلب الراحل محمد زفزاف! وكذلك الأمر، بالنسبة لشخصية (التاقي) المتعلم، الذي سيتوقف عنده السارد مليا، وصفا وسلوكا، في فصول مختلفة من الرواية، إذ يقدمه في وضعيات متباينة. يقول الكاتب :"حلم السلومي صار على مرمى حجر. والتاقي يحارب في واجهات عديدة. كان يبيت في الملجأ الخيري كيتيم.. وانتهى بأن أصبح...مدرسا بالبنورية. ليوطد صلة والده سالم بالمدينة تدريجيا، سيما بعد أن اشتغل العيدي مياوما وتزوجت زهوة هناك بعتال." (ص39).

ثم يمضي الكاتب، عبر وسيط اللغة، في سرد الحكاية/الحكايات، المتداخلة منها والمتباعدة، عن أهل البلدة، رجالا ونساء وأطفالا، وعن موت السلومي وجنازته الغريبة وعن الضغائن الدفينة والحروب الباردة، التي كانت تعشش صدور الفضوليين من الحاقدين والناقمين وهم يتنافسون في قلب الأخبار وفضح الأسرار، عن مسار السلومي بالقرية والمدينة، وعن الإهمال الذي لاقاه من أهله وذويه قبيل موته. يقول الكاتب: "تقول حكاية مدسوسة أن سالم السلومي - بغيت ليه الضر - عاش بمجرد حلوله من البنورية كآبة قاتلة، جراء الإهمال والفقصة. فقد بصره، وأكل السل رئتيه. إذ صار يسمع لهما، في ليالي الزمهرير زفير حاد مما أفقد التاقي - الله يفلسه - أعصابه ذات ليلة، فحذره من إيقاظ الحفيدة الصغيرة النائمة  - الله يعطيها مصيبة -.." (ص40).

كما لم يفت الكاتب الحبيب الدائم ربي، وهو يراقب "زريعة البلاد" من خلال استعراض الحكايات والأخبار، التي ارتبطت بشخصية السلومي، قبل وحين وبعد وفاته، في عرض جل الانكسارات، التي تعرض لها هذا الرجل وحددت مساره الإنساني باعتباره، حسب أهله من الإخوة والأبناء والحفدة والأصهار، تاريخا متعرجا عسير الهضم. لكن، أين هي الحقيقة من كل ذلك؟ هل شخصية السلومي بالبشاعة والجبن والنذالة، التي قدمها "حكاؤون لهم أخيلة مريضة تجتمع كلها في بؤس الأخلاق" (ص61)، أم هي شخصية لا تختلف عن طبائع البشر، لها ما لها وعليها ما عليها؟ أم هي الحقيقة الغائبة، كما عنها الكاتب نفسه، ذات فصل من الرواية؟...

أمام هذا الانفصام الحكائي والمفارقة الدلالية، في "زريعة البلاد" ارتأى الكاتب/السارد وهو يقدم الحكايات الملفقة والجارحة في حق السلومي وأبنائه إلا أن يأتي بما يدحض تلك الادعاءات المشبوهة والمدسوسة ويفند تلك الإشارات اللاواقعية واللاتاريخية أيضا. ولأن الحكايات المغرضة اعتبرت، حسب السياق، أحادية الرؤية والجانب، كان لا بد من إسماع صوت من يعنيهم الأمر. وتبعا لهذا التصور، أدرج الكاتب فصولا معاكسة للطروحات المقدمة نحو: "بيان حقيقة من آل السلومي" (ص36) و"حديث ما جرى" (ص71) و"العيش في الحافة" (ص97) وغيرها، مما يعيد الاعتبار لشخصية السلومي.

ومع تسلسل الأحداث والوقائع، تنشط لغة "زريعة البلاد" في تنويع ضمائرها، بين متكلم ومخاطب وغائب، من جهة، وفي تنسيق خطابها، بين سارد عليم وشخصية تحكي قصتها بنفسها، من جهة ثانية. إنها لغة تتداخل أصواتها وتتبادل أدوارها، تبعا للأحداث ونوايا الشخصيات، في حالاتها وتحولاتها. غير أن اللافت للانتباه، في هذه اللغة، احتفاؤها بكل الوسائل التعبيرية المتعددة المستويات، من وصف وسرد وتأمل وفلسفة وأدب وحوار ونقد وسخرية وغيرها من أجل إضاءة الشخصية ورسم خطابها، بما في هذا الخطاب من تداعيات الماضي وتجليات الحاضر واحتمالات المستقبل، وفق استراتيجية أدبية تتحول خلالها اللغة، في حد ذاتها، إلى موضوع تجريبي للرواية قابل للاستثمار الفني، ومباغت لأفق انتظار المتلقي. يقول الكاتب في الفصل الأخير، على سبيل الافتراض: "أن يموت... التاقي، ذكرنا السمن والعسل، فتلك نهاية الحكاية وانخساف أقمار الجميع، إذ سيرتكن الأبوان إلى الطوار ويستجديان: سالم تقوده سليمة وسليمة يقودها سالم. سيشيخان سريعا ولن يعمرا إلا ما يجود عليهما به العذاب الأرضي. وكما سيأكل الغم سالما وسليمة، سوف تفقد زهوة مسعود بن حسين. تتشرد السالكة وأحلام. قد تلجان دروبا ممنوعة ويجد العيدي نفسه في حيص بيص؛ فلا هو قادر على المساعدة ولا هو قادر على تحمل الأسى." (ص110).

وفق ما تقدم تعلن لغة الرواية، في تقديمها للموضوعات والشخصيات، عن كونها لغة سردية عميقة تقوم على تنويع المصادر وتطعيمها، كلما اقتضى الأمر ذلك، بمواقف نقدية ساخرة تشكل مكونا استشهاديا لا غنى عنه، في مثل هذه الرواية الحافلة بالذاكرة والتاريخ والاقتباس والتضمين، والحاضنة للأمثال والحكم والأشعار والأغاني.

بهذا الأفق الواقعي/التخيلي تنفتح الرواية على عوالم لغوية وأسلوبية متعددة تنعكس على محكياتها المختلفة.

4-   خلاصة

في ضوء ما تقدم، يدخل هذا الاشتغال ضمن ما أسميناه النص المتعدد، وهو اشتغال انطلقنا فيه من البحث عن حدود التداخل بين السرد الروائي وأشكال الكتابة الأخرى، مع بيان دور هذه الأخيرة في بناء الهاجس الجمالي الذي تتأسس عليه النصوص الروائية الثلاثة. فقد كان البحث موجها لاستجلاء المكونات النوعية للأشكال الكتابية المستدعاة ومنها السيرة والتاريخ على وجه الخصوص. وهاذان الرافدان مكنا الرواية من انزياحها عن المسار التقليدي، وبناء قاعدة سردية متحركة ومنفتحة تضطلع بدور فارق يتمثل  في خلق نص روائي متعدد.


 

مــراجــع

 

¨     أحمد المسناوي، "نظرية الأجناس الأدبية"، عالم الفكر، العدد 3 المجلد 40 يناير- مارس 2012.

¨    جورج ماي، السيرة الذاتية، ترجمة محمد القاضي وعبد الله صولة، بيت الحكمة-قرطاج، 1992.

¨    الحبيب الدايم ربي، زريعة البلاد،  مجموعة الأحمدية- المغرب، 2004.

¨    عبد الإله بن عرفة، الحواميم، المركز الثقافي العربي- الدار البيضاء/بيروت، ط/الأولى، 2010.

¨    عبد العالي بوطيب، الكتابة والوعي، دار الحرف، ط/الأولى، 2007.

¨    عبد المجيد الحسيب، حوارية الفن الروائي، منشورات مجموعة الباحثين الشباب في اللغة والآداب- كلية الآداب والعلوم الإنسانية-مكناس. 2013.

¨    ميخائيل باختين، الخطاب الروائي، ترجمة محمد برادة، دار الأمان- الرباط، 1987.

¨    وفاء مليح، أن أكون.. دار الأمان –الرباط، 2014.



[1] - أحمد المسناوي. نظرية الأجناس الأدبية. عالم الفكر. العدد 3 المجلد 40 السنة 2012. ص227

[2] - ميخائيل باختين. شعرية دوستويفسكي. ترجمة جميل التكريتي. دار توبقال للنشر. البيضاء 1986. ص366

[3] - جورج ماي. السيرة الذاتية. ترجمة محمد القاضي وعبد الله صولة. بيت الحكمة. قرطاج 1992. ص 88

[4] - عبد العالي بوطيب. الكتابة والوعي. دار الحرف القنيطرة2007. ص 111

[5] - عبد المجيد الحسيب. حوارية الفن الروائي. منشورات مجموعة الباحثين الشباب في اللغة والآداب. كلية الآداب/ مكناس. ص36


تعديل المشاركة
author-img

أحـمـد زنـيـبـر

أكاديمي وناقد أدبي، أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين. رئيس فريق البحث "الخطاب البيداغوجي ورهاناته اللغوية والجمالية". عضو اتحاد كتاب المغرب وناشط جمعوي. له مؤلفات فردية وجماعية...
تعليقات
3 تعليقات
إرسال تعليق
  1. شكرا أستاذ أحمد، على ما قدمته من قراءة فتحت آفاق القارئ على ما تتيحه الرواية من آليات التعبير عن المعيش، بما تفسحه من عوالم الخيال المستند من حرية في الإبداع تمتح من مجالات مختلفة تتحول أجناسا في معاجم التعبير الفني، حينما يستثمر رحيقها لإنتاج سردي في قالب روائي. وهو ما توفقت بنباهة وشطارة على لملمته بدفء إنساني وبحس مغربي لتقدمه رحيقا مستساغ المذاق لقارئ العربية، مولدا لديه رغبة في القراءة وراسما له أجندة في تناول المقروء، حالما تتوفر له شروط الاقتناء، في ظروف مقاومة الكوفيد الذي يكتسح صفو الحياة كلما ازداد تحورا.
    كنت آمل أن أجد في قراءتك المتعددة للرواية المغربية رصيدا أكبر من مصادر أخرى كالمناجم النفسية والفنية والعقدية. لكن ربما لطبيعة المختار من النصوص، ركنت إلى التاريخ والعلاقات الاجتماعية، على حساب باقي المجالات، علما أن حكمي هذا هو وليد قراءة لم تغادر مستوى الصفر.

    ردحذف
    الردود
    1. أزال المؤلف هذا التعليق.

      حذف
    2. شكرا الأخ موسي، ملحوظتك في الصميم. فمداخل القراءة التي تتيحها الرواية المغربية متعددة، تاريخية، دينية، اجتماعية، نفسية، معجمية، ثقافية وغيرها؛ غير أنه تصعب الإحاطة بها جميعا، لذلك كان التركيز على أحد هذه المداخل. هل وفقت؟ للقارئ واسع التقدير. شكرا مرة ثانية

      حذف

إرسال تعليق