U3F1ZWV6ZTkyMzU4Njc2MzA1NjBfRnJlZTU4MjY3ODM5MzQ1ODI=

مـوسـوعَـة المـلحـون والهُـويّـة المُـتـعـدّدة

يكتسي الحديث عن الموروث الشعبي أهمية كبرى، بوصفه ذاكرة الأمة ودليل حضارتها. فهو "الحصيلة الشعبية المتبقية من الممارسات الشعبية لأبناء المنطقة كلها عبر التاريخ."[1] وما أمْـرُ العودة إلى هذا الموروث بأشكاله المتعددة، سوى دعوةٍ لتوطين مفهوم الهوية. غير أن هذه العودة لا تعني السكن في الماضي وتمجيده بالرجوع إلى مادته التراثية واعتبارها عملا إبداعيا غير قابل للنقاش، بقدر ما تعني بحثا في السمات والعلامات التي حافظت على بقائه وصموده، وبحثا في المقومات التي ساهمت في تداوله وامتداده في الزمن الراهن.

ولا شك أن التنوع والتعدد اللذين ميزا هذا الموروث الشعبي، كان مصدره الذات المبدعة من خلال ما أنتجته من تعبيرات متفاوتة، كالأغاني والأمثال والحكم والألغاز والأشعار وغيرها، شكلت جميعها ذخيرة ثقافية وحضارية لا تتصل بالذاكرة الجماعية فحسب؛ وإنما بالذاكرة الفردية أيضا. كما أن الالتفاف حول هذه الذخيرة، في شموليتها، لم يسلم، في سياق التلقي، من مواقف تراوحت بين مُمَجّد ومُتَنكِّر لها، وبين مُحايد يوجد في الما بين. وهو ما استدعى مزيدا من التأمل وإعمال النظر من أجل رد الاعتبار لهوية الذات المبدعة في هذا المجال. يقول عباس الجراري: "إن الأدب الشعبي مكمل للأدب المدرسي وأن من شأن دراسته أن تساعد على الربط بين الأدبين واجتياز الهوة الكبيرة التي تفصل بينهما"[2] وهو قول يؤكد مكانة الثقافة في بعدها الشعبي وحاجتها إلى مواكبة ودراسة لا تقل أهمية عن مواكبة الأدب المعرب أو الفصيح. فكلاهما معا، يشكلان وجهين لهوية ثقافية واحدة متكاملة.

في هذا السياق الأدبي، يحتل الشعر الملحون مكانة مرموقة في إبداع المغاربة، فهو إرثهم الحضاري الضاربة جذوره في أعماق التاريخ والجغرافيا. لذلك، لم يكن غريبا أن يتزايد الاهتمام به من قبل المهتمين والمؤرخين والباحثين والدارسين والمنشدين والمولعين على حد سواء، باعتباره إبداعا لا يقل مكانة ورمزية عن الإبداع الشعري المدرسي المُعرب، من جهة، وباعتباره سجلا للذاكرة الفردية والجماعية، من جهة ثانية. لذلك كان التعريف به والحفاظ عليه ضرورة لا غنى عنها للفهم وتعزيز الوعي بالهوية الوطنية والثقافية والحضارية.

وبذكر الهوية نكون قاب قوسين أو أدنى من تشكيل مناعة ثقافية تحصّن الذات والمجتمع ضدّ الهيمنة والاستلاب. غير أن الهوية لم تكن لتنحصر في نمط واحد، ما دامت مرنة وقابلة للتعدد والتشكل داخل هويات متقاربة ومتباعدة في آن (دينية، سياسية، اجتماعية، ثقافية وغيرها). وهو تعدد سرعان ما يتوحد في ذاكرة ثقافية تجسد جزءا من الضمير الجمْعي للأمة. فالهوية، بهذا المعنى، تقتضي وعيا بالذات، كيما تحافظ على بقائها وحضورها بين الذوات الأخرى، وبالتالي تبلور قدراتها التواصلية مع باقي المجتمعات الإنسانية، تأثرا وتأثيرا.

ومن ثمة، كان الاستناد إلى مفهوم الثقافة بوصفها إحدى الدعامات الكبرى لتحصين المجتمع؛ بل وباعتبارها "ركيزة أساسية ومهمة من ركائز التواصل بين الشعوب حيث تتنوع الثقافات بين الإرث الحضاري المكتسب لدى كل شعب أو مجتمع مهما كان حجمه أو موقعه على هذه الأرض. ويأتي اهتمام الأمم اليوم بترائها المادي واللامادي تأكيدا على أن التراث الثقافي بمفهومه الشامل مصدر مهم جدا للتاريخ والمعرفة الإنسانية."[3] ولعل في مثل هذا التوصيف ما يحيل إلى ضرورة الحفاظ على الموروث الثقافي الإنساني وتثمينه والمساهمة في ترويجه.

وإذا عُدّ الشعر الملحون من التراث الثقافي اللامادي؛ فإن المحافظة عليه تتم وفق مجموعة من العمليات: أولاها الجمع والتحقيق وثانيها التبويب والتصنيف وثالثها الدراسة والنقد والتحليل. وهي عمليات ما كانت لتتم لولا تظافر جهود المتدخلين في المجال، حيث الرغبة في تأصيل هذا الفن التعبيري الشعبي والتعريف به نظما قابلا للدراسة والتحليل. ولعل انخراط أكاديمية المملكة المغربية، في هذا المسعى، من خلال تجميع الأشعار المتفرقة في الكتب والموسوعات والمعاجم وفي الكنانيش والكراسات والمخطوطات، لعدد من الشعراء المغاربة في ديوان جامع، ليعد من أكبر الإنجازات الرئيسة التي تعكس الروح الوطنية للمغاربة والاعتزاز بهويتهم المحلية.

بهذا المعنى، يندرج عمل موسوعة الملحون، الصادر عن أكاديمية المملكة المغربية، في سياق ثقافي يسعى إلى اكتمال مشروع علمي وحضاري يعنى بالموروث الأدبي الشعبي، جمعا وتدوينا ونشرا. وهو مشروع مهد له الدكتور عباس الجراري منذ ستينيات القرن الماضي، حين توجه إلى دراسة الزجل في المغرب، من خلال النبش في متونه الشعرية الشاسعة، وفي إثارة جملة من الأسئلة والقضايا، ذات الصلة بالشاعر والقصيدة، ثم واصل العمل فيه برؤية جديدة تبنّتها الجهة الداعمة للمشروع. يقول: "سعيا إلى مواصلة العمل الجاد، الهادف إلى إنجاز مشروع (موسوعة الملحون)، وبعد أن أصدرت أكاديمية المملكة المغربية أول أجزائها متعلقا بديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي، ها هي تنشر الجزء الثاني خاصا بديوان الشيخ الجيلالي امتيرد. وإنها لتأمل أن تتابع بمشيئة الله إخراج مجاميع شعرية أخرى تكون قد توافرت مادتها... في حرص على الالتزام بالمعايير المنهجية التي اتفقت عليها لجنة الموسوعة."[4]

والواقع أنه بصدور موسوعة الملحون أتيح للمتلقي، من باب الفضول المعرفي، الاطلاع على ما اشتملت عليه مجموع الدواوين المطبوعة من قصائد متفاوتة الحجم والدلالة؛ لكنها تلتقي جميعها في تعزيز روح الوطنية وترسيخ الهوية. فالانتقال من عصر إلى عصر ومن شاعر إلى شاعر؛ بل ومن تجربة لأخرى، تزكي الانطباع بالتنوع والتعدد الحاصلين في الثقافة المغربية عامة، وفي الإبداع الشعبي خاصة.

هكذا، بعد سلسلة من الإصدارات الشعرية الموسومة ب (موسوعة الملحون) بلغت أحد عشر ديوانا، سيكون القارئ المغربي والعربي معا، أمام ذخيرة شعرية واسعة تتيح لهما تجديد الصلة بأخبار شعراء الملحون، والاقتراب من عوالمهم الإنسانية ومعالم قصائدهم البديعة للنهل من معانيها والاستمتاع ببلاغتها وغنائيتها. لقد جمعت مادة الشعر الملحون بحرص وعناية علمية روعي فيها الجانب الأكاديمي، بدءا من اختيار الشاعر ورصد مكانته، مرورا بضبط أشعاره وتوثيقها ووصولا إلى تصنيفها وتقديمها، بما ينسجم وخطة أكاديمية المملكة المغربية، قبل نشرها في ديوان شعري مستقل.

يقول عبد اللطيف بربيش في تصدير أول ديوان من الموسوعة: "اهتمت أكاديمية المملكة المغربية، منذ نشأتها، بالتراث المغربي باعتباره عنصرا من عناصر الهوية واساسا للوعي بالذات الوطنية. وإذا كانت بعض مصالح الدولة تهتم بالحفريات بحثا عن معالم تاريخنا القديم. وترميم البنايات الأثرية الباقية لكيلا تفنى. فإننا في الأكاديمية نسعى إلى إحياء ما اندثر من التراث الشفهي والمكتوب. وتصحيح ما لحق به من تشويه وخلل بحكم التقادم."[5] ولعل في هذا التصدير ما يفيد أن الرغبة لا تزال قائمة ومستمرة في التعريف بهذا التراث الشعري العظيم وتثمينه بنشره على أوسع نطاق.

تأسيسا على ما تقدم، ذهب مجموعة من الباحثين، في سياق تلقي عمل (موسوعة الملحون)، إلى إنجاز دراسات وبحوث جديدة تروم إعادة تجذير هذا اللون الشعري في الذائقة القرائية والعلمية وإبراز ما فيه من إشراقات فنية تميزه عن باقي الألوان التعبيرية الأخرى. كما سعت هذه المقاربات إلى التعريف بشعراء الملحون وما تميزوا به من نبوغ، يعكس ذائقتهم الفنية وموسوعيتهم الثقافية. وبالتالي ترسيخ الروح الوطنية وتعزيز الهوية الاجتماعية، بما تعكسه من أصالة وغنى فكري وحضاري. 

وإذا كان مشروع الأكاديمية (موسوعة الملحون) قد استهدف في البداية عمليات الجمع والتوثيق والتدوين؛ فإن ذلكم المسعى تحول، بعد ذلك، إلى تعميق التحقيق ومقاربة النصوص وتحليلها بما يتناسب والمناهج الأدبية الحديثة. ويمكن استعراض بعض الأعمال التي نشرت مستقلة أو في مجلات فصلية أو في كتب جماعية، ليس الهدف منها وضع بيبليوغرافيا خاصة بها؛ وإنما مساهمة في استقراء طبيعة التلقي لعمل الموسوعة ورصد بعض المواقف العلمية والإضاءات الفنية التي تخللتها. نذكر من بينها مجموعة من الأعمال والدراسات، على سبيل التمثيل لا الحصر، تبعا للمحطات الآتية:

1-أطاريح جامعية

1-1: أطروحة جامعية نوقشت بالقنيطرة سنة 2018 بعنوان: (الخطاب الصوفي في الشعر الملحون)[6] للطالب عز الدين معتصم، نشرت بعدها بسنة. اعتمد فيها جميع الدواوين الشعرية التي صدرت عن أكاديمية المملكة المغربية، من 2008 إلى 2018، حيث استهدفت الأطروحة "الارتقاء بالشعر الملحون من خلال ملامسة لغة الخطاب الصوفي الزاخرة بالرموز والدلالات التي تستدعي من المتلقي فهما علميا دقيقا، لأنها تستمد قوتها من التقديس الكبرى في حياتنا، رغم ما يلف جوانبها من غموض."[7] وانطلاقا من الأسئلة الإشكالية التي أثارها الباحث بخصوص الموضوع، اختار نماذج من قصائد الشعراء الذين صدرت أعمالهم في ديوان.

ولا شك أن اعتماد الدواوين المطبوعة يسر على الباحث الاشتغال، وفق منهج علمي، بالخطاب الصوفي كما ورد في عينات من قصائد الشعراء المغاربة وهم (المغراوي، العلمي، الغرابلي، امثيرد، الدمناتي والكندوز وغيرهم). قسم الباحث أطروحته إلى مقدمة وثلاثة فصول ثم خاتمة، مع ملحق جمع فيه عددا من الكلمات التي تندرج ضمن المعجم الصوفي في الشعر الملحون. وإذا كان الفصل الأول قد انحصر في عرض الجهاز المفاهيمي حيث الحديث عن مفهوم التصوف ومراحله وعلاقته بسؤال التلقي؛ فإن الفصلين الثاني والثالث خصصا معا للجانب التحليلي، إذ تمّ رصد الصور الشعرية والرمزية وما بينهما من تعالقات شكلت جانبا من جماليات الخطاب الصوفي في الشعر الملحون، كما تم رصد أهم الموضوعات المركزية التي هيمنت على المتن الشعري المدروس منها موضوعة (الحب الإلهي) الذي يعد المرآة العاكسة لمواجيد المتصوفة وإشراقاتهم.  

وقد تبين للباحث، بعد تحليلات نصية، أن هذا النوع من الخطاب الشعري الصوفي حقق طفرة نوعية على مستوى الشكل والمضمون، وشكل مدخلا قرائيا لمفهوم الهوية الوطنية وصلتها بالذات الفردية وبالذاكرة الجماعية.

1-2: أطروحة جامعية نوقشت بكلية القنيطرة بعنوان (الطبيعة في الشعر الملحون دراسة معجمية)[8] للطالب سلمان انعينيعة. وهو عمل يندرج ضمن الأدب الشعبي ذي صلة بتحليل الخطاب، من حيث الاشتغال بقضية اللغة ممثلة في موضوع معجمي صرف هو: الطبيعة في الشعر الملحون. وقد تشكل بناؤها العام من مقدمة ومدخل وثلاثة فصول فخاتمة.

كشف الباحث سلمان نعينيعة في مقدمة عمله عن الأسباب الذاتية والموضوعية التي جعلته يختار موضوع الطبيعة في الشعر الملحون، بالتركيز على الجانب المعجمي وما يطرحه من قضايا لسانية واجتماعية، ثم بيان مدى حضور الكلمات التي تنحدر من حقول مختلفة في قصائد الشعراء المغاربة. ولأن قضية اللغة من القضايا الرئيسة التي أثارتها قصيدة الملحون إلى جانب قضايا البناء والأغراض والأشكال؛ فإن الباحث اختار المضي في هذا المسار من أجل تأكيد العلاقة القائمة بين الشاعر ومجتمعه اللغوي. ومن ثمة، مشروعية البحث في معالجة لغة الطبيعة في صلتها بالذائقة المستقبلة وبالاختيارات الفنية والجمالية للشعراء. 

ولهذا الغرض، استحضر الباحث عددا من الدواوين الشعرية الصادرة عن أكاديمية المملكة المغربية بهدف تقصي نسبة حضور المعجم المرتبط بالطبيعة في هذا المتن الملحوني الشاسع. ونظرا لرحابة الحقل المعجمي حصر الباحث اشتغاله على عينة من الألفاظ المرتبطة بثلاثة حقول معجمية هي: الماء في الفصل الأول، والنبات في الفصل الثاني ثم الحيوان في الفصل الثالث. وهي المحطات الرئيسة التي شكلت مجموع فصول الدراسة المعجمية، بمائة وخمس وعشرين مادة معجمية تمثل ديوان الشعر الملحون في صلته بالتاريخ والجغرافيا والمجتمع والتربية وغيرها.

وبالرغم من كون الغرض من هذه الأطروحة، كان هو تقصي وإحصاء معجم الطبيعة، كما تبدّى في الشعر الملحون أساسا؛ فإن الطالب عرّج على ما في هذه الألفاظ من دلالات تتصل بسياقها التداولي العام وكذا بدلالاتها الشعرية والرمزية المستعملة داخل النص. لقد كان التنبيه إلى وعي الشاعر المغربي بهويته الوطنية والثقافية، من خلال ما يستعمله من ألفاظ معجمية، في سائر الأغراض الشعرية، ومنها غرضيْ المديح والغزل تحديدا. وانتهى البحث إلى خلاصات واستنتاجات ترى في معجم الطبيعة في الشعر الملحون قيمة لغوية ودلالية لا تقلان أهمية عما في الشعر العربي الفصيح.

1-3: أطروحة جامعية نوقشت بكلية القنيطرة بعنوان (جمالية التلقي في الشعر الملحون)[9] للطالب محمد مسرار، تشكلت من مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة. وهو بحث كشف أيضا عن القيمة الأدبية والشعرية التي حظي بها الشعر الملحون بعدما تيسر تجميع ونشر الدواوين الشعرية الأحد عشر. وهذا الحضور التدويني ساهم في رواج هذا الإرث الإبداعي وجعل صبيب القراءة والمتابعة عاليا. ومن هنا جاءت مشروعية تبني إحدى النظريات الغربية لقراءة الشعر الملحون، تتجلى في جمالية التلقي، بما تمنحه من إمكانيات مفتوحة لفهم القصيدة وتحليل معانيها وتأويل دلالاتها.

وبالنظر إلى القيمة الأدبية التي تحتلها جمالية التلقي ضمن النظريات النقدية الحديثة، من خلال تركيزها على القارئ المتلقي؛ فقد خص الباحث جزءا مهما، من فصله الأول، لبسط عدد من المفاهيم المتعلقة بهده النظرية وبيان مكانتها في إمداد المتلقي بأليات القراءة والفهم والتأويل. وهو رصد أبان عن فهم واستيعاب للنظرية ومدى قابلية تطبيقها على الشعر الملحون. وبناء عليه، كان حديث الباحث عن أفق التوقع والمسافة والمتعة الجماليتين، والفجوات ووجهة النظر وغيرها من المفاهيم المؤسسة لتحليل الخطاب، في علاقتها التفاعلية مع خصوصية الشعر الملحون وقضاياه الكبرى.

أما الفصل الثاني فتوجهت العناية صوب تحليل خطاب الشعر الملحون، من خلال الشروط والمعايير التي تبنتها جمالية التلقي. وقد أبانت تلك الآليات المتحدث عنها، ما أتاحه الشعر الملحون من مساحات كبرى للقراءة والتأويل، عبر تقص دقيق لأغراضه وموضوعاته. فكل قصيدة حفلت بدهشتها الجمالية، استند خلالها الباحث إلى جملة من المداخل القرائية المتعددة التي تتيحها نظرية التلقي منها القراءات المعجمية والاجتماعية والبنيوية والتاريخية وغيرها. كما أن هذه النصوص تفاوتت بتفاوت الشعراء أنفسهم، فمنهم العالم والفقيه والحرفي والعاشق والصوفي، وكل يمتح من حقل معجمي خاص يتناسب وطبيعة الموضوع.

واستكمالا لمسار التحليل الذي ارتبط بنظرية جمالية التلقي، توقف الباحث عند بعض الاستراتيجيات النصية في الشعر الملحون، عبر تعقب عينة من النماذج الشعرية للبرهنة عن جمالية النص الزجلي (الملحوني) وما أظهره الشعراء من ذائقة أدبية ومرجعية ثقافية، مكنتهم من اختراق المعاني والدلالات، نذكر منهم (الجيلالي امثيرد، أحمد الغرابلي مولاي الحفيظ العلوي، عبد القادر العلمي، أحمد الكندوز، التهامي المدغري، محمد بن علي الدمناتي، عبد العزيز المغراوي ومحمد بن علي).

ثم انتهى البحث إلى خلاصات واستنتاجات تؤكد أن شاعر الملحون كان واعيا بالبعد التواصلي من خلال استحضاره للمتلقي وانفتاحه على الآخر الشعري، بما يؤكد رحابة فكره وخصوبة شعره. كما انتهى البحث إلى أن الشعر الملحون يعد مصدرا رئيسا لا غنى عنه للباحث في الموروث الشعبي الشفهي، انطلاقا مما يمنحه من إمكانيات متعددة للقراءة ومداخل مختلفة للفهم والتحليل. 

2-أعمال فردية

كتاب بعنوان: (صنعة الكلام دراسات في الشعر الملحون بالمغرب)[10] للباحث أحمد زنيبر. كتاب ينطلق صاحبه من كون الشعر الملحون يشكل أحد الأنماط الشفاهية التي اختار شعراؤها اللهجة العامية أداة للتعبير الإبداعي. وهو نمط شعري دارج يعود إلى قرون ضاربة في التاريخ، تحول معها إلى تراث أدبي لا مادي ورافد ثقافي من روافد الثقافة المغربية العربية. وقد تأكدت هذه القيمة الرمزية التي امتاز بها الشعر الملحون، بحسب الباحث، في مستويات عدة منها المعجم والأغراض والإيقاع، وهو ما جعل نخبة من المولعين والمؤرخين والمحققين والموسيقيين للنبش في هذه الذخيرة بالجمع والتحقيق فالتصنيف والتبويب ثم الدراسة والتحليل.

لقد انطلق الباحث من سؤال مركزي يتمثل في ما الذي يميز هذا الشعر الملحون عن الشعر الفصيح، غير اللغة أداةً؟ فسحر الكلام وجمال العبارة وبراعة التخييل شكلت مداخل للتفاعل والقراءة. وإن كان ذيوع بعض قصائد الملحون (الشمعة، اللطفية، ناكر لحسان) مما تم تداولها عبر الغناء الفردي أو الجماعي (تجربة جيل جيلالة وناس الغيوان) مثلا، قد ضاعف من هذا الإشعاع والحضور؛ فإن مناطق أخرى، في هذه القصائد، ظلت خفية وعصية على الفهم والإدراك، لغة وبناء وتخييلا. وهو ما استدعى إعادة النظر فيها بغية استقصاء لغتها واختبار معانيها، عبر مقاربات تحليلية جديدة.

ويأتي هذا الكتاب، ليغطي جانبا آخر، من مسار الباحث النقدي الذي يستهدف تحليل الخطاب الأدبي، في تنوعه وتعدّده، بما فيه التراث الشعري/ الزجلي. وهو مسار انبثق من رؤية ثقافية وبلاغية صرف، ترى في الأدب وحدة متكاملة ومتجانسة في آن. فبعد الانهمام بالأبعاد الأجناسية المتمثلة في الشعر والسرد والنقد، عبر كتابات نقدية سابقة، يستحضر المنجز الجديد، ملامح البعد اللغوي وامتداداته في الخطاب الأدبي، بشقه العامي والشعبي.

يضم الكتاب دراساتٍ تحليلية في أربعة فصول، تعكس رؤية واضحة عن هذا اللون من النظم الشعبي، حيث الإنصات الممعن إلى صوت الشاعر، والنظر في تجربته الذاتية واللغوية والجمالية، ومدى تأثير خطابه في المتلقي.  وقد استند في ذلك إلى ثلاثة دواوين مما أصدرته الأكاديمية لكل من أحمد الغرابلي وعبد القادر العلمي وأحمد سهوم، رام من خلالها مقاربة نصوصهم بمناهج ذات صلة بالتاريخي والاجتماعي والنفسي تارة، وبالأسلوبي والبنيوي والموضوعاتي، تارة أخرى.

خلال عملية التحليل والمقاربة، تنبه الباحث إلى أن الشعر الملحون يقدم صورة عن اللسان المغربي الدارج، في تنوعه وانفتاحه، وفي رحابة معجمه وبلاغته. فقد استطاع شاعر الملحون، وهو ينسج قصيدته بوعْيِ المبدع وحسّ المجرّب، أن يتماهى مع الراهن الديني والاجتماعي والاقتصادي، وأن يستشرف، في المقابل بلاغة القصيدة، في أبعادها الجمالية والإنسانية، وفي رسم معالم للهوية المحلية والوطنية. 

لقد كانت غاية الكتاب، في المقام الأول والأخير، أن يجد القارئ العربي، بعض الفائدة العلمية والمتعة الفنية في اختيار الشعراء والنظر في المقترح النقدي الذي رام بالأساس ردّ الاعتبار إلى رافد أدبي من روافد الثقافة، بما فيها التراث الشعبي اللامادي، بصنفيه الشفاهي والمكتوب، ومنه الشعر الملحون.

3- كتب جماعية

كتاب جماعي بعنوان: (الفن المكمول نحو مقاربة جديدة للشعر الملحون)[11] وهو كتاب ضم أربع عشرة دراسة، كان سندها الشعري مجمل الدواوين المنشورة، حيث وجد فيها الباحثون ما يشفي الغليل قراءة وبحثا وتحليلا. واللافت للانتباه أن اختيار الباحثين لأسماء الشعراء خضع لطبيعة الموضوع المقترح للتخليل. وإذا اكتفت بعض الدراسات بتمثيلية شاعر واحد كأحمد سهوم مثلا؛ فإن بعضها تجاوزه بقليل أو كثير.

هكذا عالجت مجمل الدراسات، المثبتة بالكتاب الجماعي قضايا موضوعاتية مختلفة، كالسيرة والفروسية والحب والتصوف وراهن القيم، إضافة إلى رصد بعض الجوانب المتعلقة بالشكل والبناء، كاللغة والاستعارة والعَروض وحضور السرد. يقول خالد السقاط في نهاية عرضه عن التناص اللغوي في شعر أحمد الغرابلي: "إن هذه البنيات اللغوية، وغيرها كثير، تشكل نبعا عشقيا تمتح منه كل القصائد في نوع من التجاوب البنيوي، لأن النبع العشقي الشعوري واحد، رغم اختلاف وتعدد أسماء معشوقاته في كل القصائد. وبهذا يكون الناظم الغرابلي متجددا، متعددا في أحاديثه. ذلكم هو التناص في لغة الملحون، بين الأصيل المغربي والوافد الأندلسي، من خلال بعض بنياته الدالة، حيث التقى الكلام الملحون مع الآلة/ الموسيقى الأندلسية، من خلال تراقص البراول بينهما، حتى نجح توظيف الأصيل في الوافد."[12]

أما بخصوص المنهج فقد توسل كتاب الدراسات بعدد من المناهج النقدية الحديثة، خلال مساءلتهم لنصوص الشعراء المغاربة أمثال: الغرابلي، الكندوز، سهوم، المدغري، العلمي، امثيرد وغيرهم من احتضنتهم الموسوعة، تم التأكيد، بعدها، على اعتبار الشعر الملحون خزانا للقيم الإنسانية والجمالية ومظهرا من مظاهر الهوية الثقافية والحضارية، وجب الحرص عليه وتثمينه وتحيينه.

كما تجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى كون بعض الدراسات السابقة شملت عرضا تعريفيا بعدد من الكتب والأعمال التي أنتجت في سياقات مختلفة (أطاريح، ماستر، إجازة، ندوة، أبحاث وغيرها) بغرض بيبليوغرافي صرف، يؤكد مكانة هذا اللون التعبيري وما حظي به من عناية على مستوى البحث الأكاديمي.[13]

4- مجلات متخصصة

4-1: مجلة (التراث المغربي الأصيل)[14]، وضمت قراءات وبحوثا وشهادات وقصائد شعرية انتظمت في إطار ندوة فكرية مهداة إلى الأستاذ عبد الرحمان الملحوني، سنة 2018 بمدينة مراكش. تصدر المجلة عن الجامعة الوطنية لجمعيات الملحون والفنون التراثية والصوفية بمراكش. وصلة بموضوع المداخلة؛ فإن ما يلفت الانتباه هو العمل الذي أنجزه عبد الغني أبو العزم بعنوان: (معجم مصطلحات أدب الملحون). يقول في مدخل ورقته التأطيرية: "لقد أضحى وجود مدونة لغوية بين أيدي صناع المعاجم ضرورة ملحة، يصعب الاستغناء عنها، ولأنها فوق هذا وذاك تتضمن أساليب مختلفة، ومفردات متنوعة لمختلف العصور، مما يجعلها مرجعا معجميا بامتياز."[15]

ضم هذا المعجم عددا من الكلمات والمفردات التي استقاها الباحث من مصادر مختلفة لا تخرج عن قصائد الملحون، من بينها مجموع الدواوين التي نشرت من قبل أكاديمية المملكة المغربية (عشرة مجلدات). وقد تم ترتيبها وتعريفها وفق الحروف الهجائية وتقديمُ شروحات مختصرة ومستفيضة أحيانا، حيث الاعتماد على شواهد مناسبة تضع المفردة في سياقاتها التعبيرية، بما يحفظ قيمتها المعرفية والثقافية ويضمن فهم دلالاتها اللغوية المختلفة.

4-2: مجلة (التراث المغربي الأصيل)، وضمت إحدى عشرة دراسة هي في الأصل أشغال ندوة علمية عقدت سنة 2019 بمدينة مراكش، في موضوع (معجم معاجم ديوان فن الملحون)[16]. جاء في كلمة المقدمة: "ورغم كل ما تم إنجازه لحدود اليوم، يبقى موضوع (عروض الملحون) وموضوع (معجم مصطلحات فن الملحون) من أكثر المجالات التي لا زالت تشغل بال المنتمين لحظيرة هذا الفن الذي يمثل عمق اصالة وحضارة المغاربة بكل تجلياتها."[17] 

وهي إشارة واضحة تدعم مشروعية أعمال الندوة، حيث الرغبة في مواصلة البحث في قضايا الشعر الملحون، بما فيها قضية اللغة. ولعل متصفح فهرس المحتويات يدرك أهمية تلك المداخلات العلمية التي ساهم بها الباحثون المشاركون. ولعل العناوين التي اقترحت، في سياق الدراسات المعجمية، تقود القارئ رأسا إلى ما تختزنه قصيدة الملحون من ثراء لغوي ينسجم والمضامين التي تحتضنها.

هكذا، شكلت الدراسات أعلاه، مشاريع معاجم مصغرة ومختصرة، ذات صلة بمختلف المجالات المطروقة، مثل الخمريات والمردّدات والحيوان والألم والوعظ والعمارة وغيرها. ولم تكن اللغة، وفق هذا الاختيار المنهجي والموضوعاتي، سوى جزء من هوية الشاعر وهوية القصيدة.

واستمرارا في الحديث، عن صيغ وطرائق تلقي عمل موسوعة الملحون، لا يمكن أن نستثني ما صدر عن بعض المهتمين بالمجال، حيث الاحتفاء بالتراث الشعبي عامة وبإصدار الدواوين الشعرية خاصة. نذكر من ذلك بعض مساهمات الباحث والمسرحي عبد المجيد فنيش وما أنجزه من عروض فنية تساهم في إلقاء الضوء على محتوى الدواوين وقضاياها المختلفة، من معجم وأوزان وأغراض. ولعل التنبيه إلى الملحمتين الشعريتين التين أعدهما وأخرجهما فنيش وتم عرضهما في احتفالية كبرى بمقر أكاديمية المملكة المغربية. جاءت الملحمة الأولى بعنوان (نزهة الخاطر بصدور الديوان العاشر) بينما الملحمة الثانية فجاءت بعنوان (نزهة الخاطر في ديوان الحادي عشر). وهي مقاربة حداثية تقدم الشعر الملحون في قالب فني فرجوي توثيقي، تستلهم سيرة الشعراء وتستقي ما في نصوصهم من ثروة فكرية ومعرفية ولغوية تعكس هويته وقيمته كتراث لا مادي إنساني عالمي. 

  خاتمة

إن قيمة العمل الذي نهضت به أكاديمية المملكة المغربية، وهو (موسوعة الملحون)، لا تكمن في جانبه التوثيقي والتاريخي فحسب؛ وإنما في جوانبه الأدبية والفنية والنقدية أيضا. فقد ساهم، هذا الإنجاز، في تحيين فكر وذائقة المتلقي ودفع به نحو التأمل في نصوص ما تيسر جمعه وتدوينه، منذ القرن السادس عشر، من ذخيرة الشعر الملحون، وما تعكسه محتوياتها ومضامينها من معلومات وإفادات ترتبط بالشعر والشاعر، من ناحية وبالمرحلة وحركيتها الإبداعية، من ناحية ثانية. كما ردت الاعتبار لعدد من المناهج النقدية، سياقية كانت أم نسقية للكشف عن قيمتها المنهجية في المقاربة والتحليل.

وانسجاما مع مسعى أكاديمية المملكة المغربية في الحفاظ على تراث الشعر الملحون، من منطلقٍ حضاري وإبداعي صرف، يروم تمجيد الذاكرة الثقافية والفنية والوجدانية، فقد حاولت جل الدراسات التي عنيت بمتن الموسوعة (الأحد عشر ديوانا) إلى بيان تلكم الخصوصية التي ميزت إبداع المغاربة وأبانت عن نبوغهم في هذا اللون الشعبي المكتوب باللهجة العامية. ولأنها كذلك، فهي عامية متعددة المداخل والهوية، تسمو باللسان وتمنح حامله (شيخ الملحون) طاقة إبداعية تمنحه العبور من الذاتي والمحلي إلى العالمي والإنساني، أثناء فعل الكتابة. 

 هكذا تحضر الهوية في عمل الموسوعة، من خلال تبنّي مشرفيها عملية حماية التراث، جمعا وتحقيقا ونشرا، مثلما تبرز معالمها، من خلال عملية تلقيها قراءة ودرسا وتحليلا.


 

المراجع

 

-        أحمد زنيبر. صنعة الكلام دراسات في الشعر الملحون بالمغرب. مطبعة وراقة بلال. فاس. 2021

-        سلمان نعينيعة. الطبيعة في الشعر الملحون دراسة معجمية. أطروحة جامعية محفوظة بخزانة الكلية بالقنيطرة.

-        عباس الجراري. القصيدة الزجل في المغرب. مكتبة الطالب. مطبعة الأمنية 1970

-        عبد اللطيف بربيش. تصدير ديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي. أكاديمية المملكة المغربية. الرباط. 2008.

-        عز الدين معتصم. الخطاب الصوفي. منشورات رونق. 2019.

-        فاروق خورشيد. الموروث الشعبي. دار الشروق. القاهرة 1992.

-        مجلة التراث المغربي الأصيل. الجامعة الوطنية لجمعيات الملحون والفنون التراثية والصوفية. مراكش. العدد السادس. السنة 2018

-        مجلة التراث المغربي الأصيل. الجامعة الوطنية لجمعيات الملحون والفنون التراثية والصوفية. مراكش. العدد السابع. السنة 2019

-        محمد مسرار. جمالية التلقي في الشعر الملحون. أطروحة جامعية محفوظة بخزانة الكلية بالقنيطرة.

-        مؤلف جماعي. الفن المكمول نحو مقاربة جديدة للشعر الملحون. تنسيق محمد احميدة. منشورات النادي الجراري. الرباط 2020

-    مؤلف جماعي. الهوية بين التراث واللغة. تنسيق المصطفى حسوني. كلية الآداب المحمدية. 2012


[1]  - فاروق خورشيد. الموروث الشعبي. دار الشروق. القاهرة 1992.

[2]  - عباس الجراري. القصيدة الزجل في المغرب. ص2

[3]  - عبد المجيد الحسوني. من افتتاحية الكتاب الجماعي (الهوية بين التراث واللغة) تنسيق المصطفى حسوني. كلية الآداب المحمدية 2012. ص11

[4]  - عباس الجراري. ديوان الشيخ الجيلالي امتيرد. أكاديمية المملكة المغربية. الرباط. 2008. ص 21

[5] - عبد اللطيف بربيش. ديوان الشيخ عبد العزيز المغراوي. أكاديمية المملكة المغربية. الرباط. 2008. ص 13

[6] - عز الدين معتصم. الخطاب الصوفي. منشورات رونق. 2019.

[7] - عز الدين معتصم. الخطاب الصوفي. منشورات رونق. 2019.

[8] - سلمان نعينيعة. الطبيعة في الشعر الملحون دراسة معجمية. أطروحة جامعية محفوظة بخزانة الكلية بالقنيطرة.

[9] - محمد مسرار. جمالية التلقي في الشعر الملحون. أطروحة جامعية محفوظة بخزانة الكلية بالقنيطرة.

[10] - أحمد زنيبر. صنعة الكلام دراسات في الشعر الملحون بالمغرب. مطبعة وراقة بلال. فاس. 2021

[11] - مؤلف جماعي. الفن المكمول نحو مقاربة جديدة للشعر الملحون. منشورات النادي الجراري. الرباط 2020

[12] - خالد السقاط. دراسة ضمن كتاب جماعي (الفن المكمول) مرجع سابق. ص343

[13] - منير البصكري. الشعر الملحون في المغرب قراءة تركيبية. ضمن كتاب (الفن المكمول). مرجع سابق. صص 15-40

[14] - مجلة التراث المغربي الأصيل. الجامعة الوطنية لجمعيات الملحون والفنون التراثية والصوفية. مراكش. العدد السادس. السنة 2018

[15] - مجلة التراث المغربي الأصيل. المرجع السابق. ص150

[16] - مجلة التراث المغربي الأصيل. الجامعة الوطنية لجمعيات الملحون والفنون التراثية والصوفية. مراكش. العدد السابع. السنة 2019

[17] - مجلة التراث المغربي الأصيل. المرجع السابق. ص4  

*/ نشرت الدّراسة في مجلة "التراث المغربي الأصيل" ضمن العددين الثامن والتاسع لسنة 2022 (ص.ص365-381). منشورات الجامعة الوطنية لجمعيات الملحون والفنون التراثية والصوفية ـ الفرع الجهوي لمدينة مراكش 

 



تعديل المشاركة
author-img

أحـمـد زنـيـبـر

أكاديمي وناقد أدبي، أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين. رئيس فريق البحث "الخطاب البيداغوجي ورهاناته اللغوية والجمالية". عضو اتحاد كتاب المغرب وناشط جمعوي. له مؤلفات فردية وجماعية...
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق